احتدَّت المواجهات الكلامية بين طهران وواشنطن أمس، رغم إعلان تقرير استخباري أميركي توقف برنامج التسلح النووي الإيراني عام 2003. وظهرت هذه المواجهة بين رئيسي البلدين محمود أحمدي نجاد وجورج بوش، حين دعا الأول القوى الكبرى إلى تغيير سلوكها تجاه بلاده، بينما أكد الثاني تمسكه بسياسة إدارته حيال إيران، قائلاً إن الجمهورية الإسلامية لا تزال تمثّل «تهديداً للسلام».وفي معرض تعليقه على التقرير الاستخباري الجديد، قال بوش إنه بمثابة إشارة إلى الدول الأخرى كي تدعم الجهود الأميركية الرامية إلى عزل إيران اقتصادياً ودبلوماسياً.
وأضاف بوش، خلال مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض، أن «إيران كانت تمثل خطراً ولا تزال تمثل خطراً وستمثل خطورة إذا اكتسبت المعرفة اللازمة لتصنيع سلاح نووي»، متسائلاً: «من يقول إنهم (الإيرانيين) لا يمكنهم بدء برنامج سري للتسلح النووي؟... آن الأوان لكي يعمل المجتمع الدولي معاً».
وشدد بوش على أن الخبرات التي اكتسبتها إيران من أنشطتها لتخصيب اليورانيوم يمكن استغلالها في أي وقت في برنامج لإنتاج الأسلحة النووية، مضيفاً: «من المهم للغاية أن يدرك المجتمع الدولي حقيقة أنه إذا طورت إيران المعرفة التي يمكن تحويلها إلى برنامج سري، فإن ذلك سيشكل خطراً على العالم».
وأوضح الرئيس الأميركي، رداً على سؤال في شأن ما إذا كان العمل العسكري لا يزال أحد الخيارات، أن «العمل الدبلوماسي الأفضل والأكثر فعالية هو العمل الذي تكون فيه كل الخيارات مطروحة على الطاولة».
وكان بوش قد أجرى اتصالاً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لبحث البرنامج النووي الإيراني، حسبما نقلت وكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء عن مستشار السياسة الخارجية في الكرملين، سيرغي بريخودكو.
في المقابل، أعلن الرئيس الإيراني أنه ينصح «القوى الكبرى بتغيير سلوكها تجاه إيران»، مهدداً بأن «الشعب الإيراني سيغيِّر مساره إذا لم تغير هذه القوى سلوكها». وأشار، بعد تسلمه أوراق اعتماد السفير السويدي الجديد لدى طهران كاغنوس ورنشتد، إلى أن بعض القوى، بالرغم من التقرير الأخير الذي أصدره مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، «تواصل ضغوطها غير المشروعة ضد إيران ولا تغيّر سلوكها».
وكان تقرير أعدّته 16 وكالة استخبارات أميركية، ونشر أول من أمس، قد كشف عن أن إيران علّقت منذ عام 2003 جهودها لامتلاك السلاح النووي، مؤكداً في الوقت نفسه أنها قد تكون قادرة بين 2010 و2015 على إنتاج كمية كافية من اليورانيوم العالي التخصيب لهذا الغرض.
ورحَّب رئيس لجنة الأمن والشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بوروجردي، بتقرير أجهزة الاستخبارات الأميركية، ووصفه بأنه «اعتراف» من واشنطن بأن المساعي النووية الإيرانية سلمية.
وفي فيينا، قال مسؤول رفيع المستوى في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن تقرير أجهزة الاستخبارات الأميركية يؤكد تقويم الوكالة بأن إيران «لا تشكل تهديداً وشيكاً». وفي بروكسل، أعلنت المتحدثة باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، كريستينا غالاش، أن تقرير الاستخبارات الأميركية «لا يؤثر على المقاربة الأوروبية المزدوجة» التي توفّق بين «الحوار» مع طهران وممارسة ضغوط من خلال العقوبات الدولية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، باسكال اندرياني: «لا بد من مواصلة التحضير لقرار ملزم» في مجلس الأمن ضد طهران، مضيفة: «يبدو أن إيران لا تحترم التزاماتها الدولية».
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، إن بريطانيا تعتقد أن خطر حصول إيران على أسلحة نووية لا يزال قائماً. غير أن المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة، جوانجيا وانغ، قال للصحافيين: «أعتقد أن على أعضاء المجلس أخذ (التقرير الاستخباري الأميركي) في الحسبان، لأنني أعتقد أننا جميعاً سنبدأ من الافتراض بأن الأمور تغيرت الآن».
من جهته، نفى المندوب الأميركي لدى المنظمة الدولية، زلماي خليل زاد، أن يكون هذا التقرير عائقاً أمام استصدار قرار جديد في مجلس الأمن لتشديد العقوبات على إيران. وقال: «كان هناك اجتماع لمديري وزارات الخارجية أخيراً، وتم الاتفاق على تحويل النشاط عاجلاً الجمعة المقبل إلى مجلس الأمن الدولي وسنعمل على إصدار قرار معاً تتمة لعمل سابق. ولم أتلقَّ أي تعليمات مناقضة حتى الآن».
وأعلن مجلس الأمن عن اجتماع يعقد في 18 من الشهر الجاري لبحث مسألة العقوبات على إيران.
إلى ذلك، أمرت الحكومة الإيرانية السفير الكندي الجديد لدى طهران، جون موندي، بمغادرة البلاد، فيما تصاعدت حدة الخلافات بين البلدين حول التمثيل الدبلوماسي، لكليهما.
وكانت كندا قد رفضت مرتين مرشحي إيران لتولي منصب السفير في أوتاوا واتهمتهما بأنهما كانا من الطلبة المتطرفين.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز، د ب أ)