غزة ــ رائد لافي
اتهمت منظمات حقوقية في غزة أمس الحكومة المقالة برئاسة اسماعيل هنية بـ«تعطيل القضاء»، من خلال السيطرة غير القانونية على المحاكم النظامية في القطاع، في وقت واصلت فيه نقابة المحامين التي تسيطر حركة «فتح» على مجلس إدارتها مقاطعة العمل أمام المحاكم.
ورأى مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، المحامي راجي الصوراني، في مؤتمر صحافي عقدته منظمات حقوق الإنسان في غزة، أن «السلطة القضائية المدنية هي صمام أمان للمجتمع ينبغي الحفاظ عليه في كل الظروف والأحوال»، مشيراً إلى أن «البديل عن ذلك هو الغرق في شريعة الغاب».
بدوره، شدد مدير مركز «الميزان لحقوق الإنسان»، عصام يونس، في المؤتمر الصحافي نفسه، على أن «إجراءات تعيين القضاة الجدد من جانب الحكومة المقالة، ورغم اجتيازهم لامتحان القضاة، تعدّ مخالفة لقانون السلطة القضائية». وقال إن «السلطة القضائية هي التي سبق أن انتصرت لحركة حماس في كثير من القضايا التي مثّلت منعطفات أساسية في النضال من أجل سيادة القانون وفي مواجهة تعسف السلطة التنفيذية آنذاك، بما في ذلك قضايا الاعتقال السياسي وإغلاق الصحف وإغلاق الجمعيات».
وكانت شرارة الأزمة القضائية قد بدأت بقرار وزير العدل في الحكومة المقالة يوسف المنسي في 14 آب الماضي، بتوقيف النائب العام عن العمل على خلفية عدم استكمال إجراءات تعيينه نائباً عامّاً، قبل أن تقتحم القوة التنفيذية (قبل دمجها في جهاز الشرطة) بعد يومين مقر النيابة العامة والاعتداء على النائب العام واحتجازه ووكلاء ورؤساء النيابة. وما زاد من تعميق الأزمة، تعيين الحكومة المقالة نائباً عاماً مساعداً ووكلاء ومعاوني نيابة جدداً بطريقة، رأتها المنظمات الحقوقية «غير قانونية».
وكانت حكومة هنية، التي ترى في هذه الإجراءات محاولة لسد الثغر في الجهاز القضائي، قد ألّفت ما يسمّى «مجلس العدل الأعلى» بقرار صدر عن مجلس الوزراء في أوائل أيلول الماضي.
غير أن المنظمات الحقوقية وصفت هذا المجلس بأنه «غير قانوني ويغتصب صلاحيات مجلس القضاء الأعلى المؤلّف والقائم وفقاً للقانون، ولا صلاحية للحكومة المقالة بتأليفه».
وجاءت إجراءات حكومة هنية رداً على قرار قيادة السلطة في رام الله بوقف عمل الشرطة المدنية، ووقف عمل النيابة العامة في غزة، وقرار مجلس القضاء الأعلى بوقف تنفيذ الأحكام وعدم جباية الرسوم القضائية، عقب سيطرة حركة «حماس» على القطاع في 14 حزيران الماضي.
ورأت المنظمات الحقوقية، خلال المؤتمر الصحافي، أن «الاعتداء الجديد على المحاكم مدبر، ولا يمكن فهمه إلا بوجود غطاء سياسي من الحكومة المقالة في غزة لاستكمال السيطرة على ما بقي من مكونات السلطة القضائية، وهو ما يؤدي عملياً إلى تكريس الفصل القائم بين الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني والقضية الوطنية الفلسطينية».
ودعت المنظمات «الحكومة المقالة إلى التراجع فوراً عن قرارها غير القانوني بالاستيلاء على الجهاز القضائي المدني في قطاع غزة وتحمّلها المسؤولية الكاملة عن المساس بالسلطة القضائية وتدميرها لمصلحة إقامة أجسام قضائية غير قانونية وغير مستقلة». وقالت إنها «بذلت جهوداً حثيثة ومكثفة لإنقاذ القضاء المدني من الانهيار التام وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وتجنيب السلطة القضائية انعكاسات الصراع السياسي القائم»، مشيرة إلى أنها أجرت اتصالات مكثفة مع الحكومة المقالة على مختلف المستويات، بمن فيهم رئيس الوزراء. وأضافت «في المراحل الأولى من تلك الاتصالات، لمست المنظمات توجهات إيجابية حيث تمخضت عنها تفاهمات أولية بالاستعداد للتراجع عما اتُّخذ من إجراءات غير قانونية، في مقابل تعهد المنظمات بالعمل من أجل حل عدد من الإشكاليات القانونية القائمة في السلطة القضائية، لكن الحكومة المقالة لم تلتزم بالتفاهمات الأولية، وقد بدا لنا أنها غير جادة في التوصل إلى حل إلا وفقاً لما تراه، وأنها غير معنية بالتراجع عن إجراءاتها غير القانونية».
وشارك في المؤتمر الصحافي إلى جانب الصوارني ويونس، مدير مؤسسة الضمير لحقوق الانسان خليل أبو شمالة، ومدير مكتب الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن في غزة باسم بشناق.