strong>محمد بدير
أجهزة استخباراتها تخشى تعميق خلافاتها مع نظيرتها الأميركية

تتوالى المساعي الإسرائيلية لاحتواء الموجات الارتدادية لـ«الهزة الأرضية العالمية» التي أحدثها تقرير الاستخبارات الأميركية بشأن الملف النووي الإيراني. وبرغم إقرارها الضمني بأن التقرير أسقط كلياً ورقة الخيار العسكري حيال إيران، بدت إسرائيل أمس كمن يكابر في الاعتراف بذلك، فعادت، على لسان سفيرها الجديد في لندن، إلى التلويح بـ«المواجهة العسكرية» مع طهران.
وخيّر السفير رون بروس أور، الذي يعد أحد أبرز الخبراء في البرنامج النووي الإيراني في إسرائيل، إيران بين التعاون مع المجتمع الدولي أو التعرض لمواجهة عسكرية، محذّراً من «إمكان قيام إيران بتخصيب كميات من اليورانيوم تكفي لإنتاج قنبلة ذرية في نهاية عام 2009».
ورأى بروس أور، في مقابلة مع صحيفة «ديلي تليغراف» أمس، أن ذلك «يمثل تهديداً كونياً يتطلب رداً دولياً يشدد على أن تقاعس إيران عن التعاون سيجعل المواجهة العسكرية حتمية»، مشدداً على أن الوقت لحل القضية النووية الإيرانية «ينقضي بسرعة».
وقال بروس أور، الذي شغل من قبل منصب كبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في شأن إيران، إن «المواجهة لا تلزم إسرائيل بشن عمل عسكري على إيران لأن هناك حاجة لتحقيق كامل في ما يجري في إيران، مع أن الاعتقاد السائد في إسرائيل هو أن الإيرانيين مستمرون في برنامجهم لتطوير أسلحة نووية». وأعرب عن دهشته للنتائج التي خلص إليها تقرير وكالات الاستخبارات الأميركية الأخير بأن طهران أوقفت برنامجها لتطوير أسلحة نووية عام 2003 بسبب الضغوط الدولية.
ورأى بروس أور أن التقرير «أثبت نقطتين مهمتين، الأولى أنه كذّب رواية إيران الرسمية بأن طموحاتها النووية كانت سلمية على الدوام من خلال إثباته بأنها أدارت برنامجاً للأسلحة النووية رغم قناعته بأنه معلّق الآن، فيما أظهرت النقطة الثانية أن إيران مستمرة في تخصيب اليورانيوم على النقيض من تعهداتها الدولية».
وفي السياق، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن تل أبيب «مقتنعة جدّاً بأن التقدير الاستخباري الإسرائيلي الحالي، الذي يقول إن إيران تواصل تطوير سلاح نووي في الخفاء، هو التقدير السليم. لكن، مع ذلك، لا يمكن تجاهل حقيقة وقوف محافل دولية مهنية خلف التقرير الاميركي». وعلى هذه الخلفية، بدأت محافل الأمن والاستخبارات الإسرائيلية، بما فيها شعبة الاستخبارات العسكرية والموساد ووحدة العمليات الخاصة في الخارج ولجنة الطاقة النووية، بالتحقق مجدداً، وبحرص، من المعلومات المتراكمة على مدى الأعوام الأخيرة عن البرنامج النووي الايراني. وبحسب «يديعوت»، ترمي هذه العملية إلى تحديد ما إذا كانت اسرائيل محقة في تقديرها بأن المشروع النووي العسكري الإيراني، الذي جمد في عام 2003، قد استؤنف بعد نحو سنتين وهو يتواصل حتى اليوم، أم أن تشويشات قد تكون طرأت في معالجة المادة الاستخبارية دفعت اسرائيل إلى تبنّي تقدير مغلوط.
وأشارت الصحيفة إلى أن أولمرت عقد أول من أمس اجتماعاً لقادة المؤسسة الأمنية لتقدير الضرر الذي ألحقه التقرير الاميركي بالصراع الدولي ضد النووي الإيراني. ووفقاً لـ«يديعوت»، تقرر في الاجتماع أنه ينبغي في كل الاحوال عدم التصادم مع محافل الاستخبارات الاميركية «بل محاولة التعاون معها للوصول الى فهم أفضل للفوارق في المواقف بين الطرفين». وتخشى إسرائيل من أن يؤدي السجال العلني مع استنتاجات التقرير الأميركي إلى تعميق الخلافات القائمة في مواضيع اخرى بين أجهزة الاستخبارات والتقدير في اسرائيل ونظيرتها في الولايات المتحدة.