غزة ــ رائد لافي
شُغل الفلسطينيون بأزمتهم الداخلية وأوضاعهم الاقتصادية الخانقة عن الاحتفال بالذكرى العشرين للانتفاضة الكبرى المعروفة باسم «انتفاضة الحجارة»، التي اقتصرت مظاهر إحيائها لدى الفصائل الفلسطينية على بيانات «خجولة» غابت فيها الانتفاضة في ثنايا الحديث عن الانقسام الداخلي والتهديدات الإسرائيلية.
واندلعت شرارة «انتفاضة الحجارة» في الثامن من كانون الأول عام 1987، عندما دهست قاطرة إسرائيلية مجموعة من العمال الفلسطينيين في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.
وطغت دعوات الحوار الوطني والمصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس» على ذكرى الانتفاضة، فيما حرصت الفصائل على التذكير بالتهديدات التي تطلقها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد القطاع، وأهمية الاستعداد لمجابهتها بتمتين الجبهة الداخلية.
واكتفت حركة «فتح»، دوناً عن غيرها، بالتذكير بأنها مثّلت «العمود الفقري» للانتفاضة، مشيرة إلى أن «الإحصاءات الرسمية دلّلت على أن أكثر من ستين في المئة من شهداء الانتفاضة وأسراها وجرحاها هم من أبناء الحركة ومناصريها».
وقالت «فتح»، في بيان لها، إن «الرئيس (ياسر عرفات) أبو عمار أعلن الاستقلال بعد أقل من عام على اندلاع الانتفاضة (15 تشرين الثاني 1988) مشيراً إلى أن هذه الانتفاضة هي انتفاضة الاستقلال، وأن ذلك ما جسدته فتح بإصرارها على إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية وعودة قيادة الثورة عام 1994، والبدء بمرحلة بناء الدولة، وعاصمتها القدس الشريف».
وشدّدت «فتح» على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة «هي مطلب وطني لن تتنازل عنه»، مجدّدة «العهد للرئيس محمود عباس بالمضي قدماً حتى تحقيق حلم الدولة وعاصمتها القدس».
أمّا غريمتها حركة «حماس»، فجددت رفضها لما وصفته بـ«التفريط بالتراب الفلسطيني»، ودعت إلى الحوار الوطني وإعادة اللحمة إلى الشعب الفلسطيني. وقالت، في بيان لها، إن «وحدتنا الوطنية هي من أهم مقومات الصمود في وجه الاحتلال والوقود الذي يحمي مسيرة المقاومة وثباتها في وجه المؤامرات التي تستهدف تصفية القضية».
وأضافت «حماس» «لن نفرّط بذرة تراب من الأرض الفلسطينية، مهما دفعنا لأجلها من دماء وقدّمنا من تضحيات وسقط لأجلها منا الجند والقادة، وسنجعل من أجسادنا وأشلائنا جسراً تعبر عليه شعوبنا العربية والإسلامية لتحرير فلسطين وتطهيرها من دنس اليهود الغاصبين».
وطالبت «حماس» «المجتمع الدولي والعربي برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني الذي يعاني الموت البطيء على مدار اللحظة، وبأن ينظروا إلى الواقع الأليم الذي يعانيه شعبنا ومرضاه وأطفاله، واحترام خياره الديموقراطي الذي اختار فيه من يتولّى أمره ويدير شؤون حياته ويمثله في كل المحافل الدولية».
ورأت لجان المقاومة الشعبية، على لسان المتحدث باسمها أبو مجاهد، أن الانتفاضة الكبرى «مثّلت صفعة قوية للاحتلال»، وأكدت أن «المقاومة هي الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني»، مضيفاً إن «الاحتلال اعتقد واهماً بأنه بالإمكان السيطرة على الشعب الفلسطيني عبر آلة القمع الوحشية التي استعملها ضد الشعب الأعزل في الأرض المحتلة». وقال إن «الانتفاضة الأولى هي امتداد للثورات والانتفاضات التي فجّرها شعبنا البطل منذ بداية المؤامرة على قضيته، وأكدت الانتفاضة أن خيار المقاومة هو الخيار الأوحد لهذا الشعب الذي يقبع تحت نير الاحتلال، فانطلقت الانتفاضة تقودها كل شرائح شعبنا وتطورت حتى أصبحت كابوساً يؤرّق المحتل الذي سعي إلى إجهاضها بكل السبل، إلا أن روح الانتفاضة والمقاومة لا تزال تحيا في نفوس أبناء شعبنا الفلسطيني».
ودعا أبو مجاهد إلى «التمسك بخيار المقاومة وحمايته في ظل الاستهداف الواضح للمقاومة، وتوحيد الجهود لمجابهة الهجمة الإسرائيلية الشرسة على الشعب الفلسطيني».