واشنطن ــ محمد سعيد رام الله ــ أحمد شاكر

رايس تجدّد رفضها لمخطّط الاستيطان: الدور السوري سيكون مهماً


عشيّة استئناف الجولة الأولى من المفاوضات الفلسطينية ــــــ الإسرائيلية، علمت «الأخبار» أمس أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أقرّ بـ«المراوغة الإسرائيلية والاستهتار الأميركي»، ولا سيما بعد المجزرة في قطاع غزة، التي رأت فيها السلطة «محاولة لإفشال المفاوضات قبل أن تبدأ»، في وقت جدّدت فيه واشنطن نيتها دعم مساعي التسوية.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة، لـ «الأخبار»، إن عباس «وجّه رسائل إلى عدد من الدول العربية يشكو فيها مراوغة إسرائيل والاستهتار الأميركي عبر عدم الضغط على الدولة العبرية للوفاء بالتزاماتها تجاه السلطة بعد أنابوليس».
وأوضحت المصادر أن «عباس في أحاديثه الداخلية مع قيادات فلسطينية يعترف بعدم حصول أي جديد في المفاوضات مع إسرائيل، لكنه يأمل في هذه المرحلة ضغطاً عربياً على أميركا لتضغط هي على إسرائيل للوفاء بالتزاماتها المطلوبة».
وأشارت المصادر إلى أن أبو مازن «يتحدّث داخلياً أيضاً عن عدم ثقته بالموقف الأميركي، الذي يراه منحازاً أكثر من أي وقت مضى لإسرائيل، ويحذّر من أن وضعاً كهذا لن يمر على الفلسطينيين مرور الكرام»، مشيراً إلى أن «بأيديهم (الفلسطينيون) الكثير ليفعلوه في وجه المماطلة الإسرائيلية والاستهتار الأميركي».
بدوره، اتهم المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إسرائيل بأنها «تريد إفشال مفاوضات الوضع النهائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي قبل أن تبدأ»، مشيراً إلى أن «العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة هو جريمة نكراء». وأضاف إن «إصرار الحكومة الإسرائيلية على مواصلة سياسة الاجتياحات والاغتيالات والاستيطان، يعزز الشكوك في النيات الإسرائيلية حيال إنجاح مفاوضات الوضع النهائي وينزع عنها الثقة».
وأشار أبو ردينة إلى أنه «من الصعب أن تتواصل العملية التفاوضية على وقع الاغتيالات والقتل المتعمد ومصادرة الأراضي وغيرها من إجراءات تتنافى مع روح عملية السلام التي ستنطلق بدعم واسع من المجتمع الدولي الذي تمثّل بحضور أكثر من خمسين دولة ومؤسسة دولية في اجتماع أنابوليس».
وطالبت الحكومة الفلسطينية المقالة، بقيادة «حماس»، الفريق الفلسطيني المفاوض مع إسرائيل بعدم المشاركة في إطلاق مفاوضات الوضع النهائي بعد ما جرى في غزة.
وقال المتحدث باسم الحكومة المقالة، طاهر النونو، «إننا أمام هذه الجريمة البشعة والإرهاب المتواصل، ندعو الحكومة والمفاوض الفلسطيني إلى عدم الذهاب إلى اللقاء مع المعتدين وتوفير الغطاء السياسي لجرائمهم وقطع أي اتصالات مع قادة العدوان والإرهاب».
في هذا الوقت، جددت الولايات المتحدة عزمها على المضي بمساعيها لدفع عملية التسوية، فأبلغ الرئيس الأميركي جورج بوش زعماء يهوداً مساء أول من أمس أنه يعتزم زيارة اسرائيل في شهر كانون الثاني المقبل لحث خطى عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين.
أمّا وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس، فقالت من جهتها إن «المسار الفلسطيني ــــــ الإسرائيلي هو الأكثر نضجاً في الوقت الحالي، لذا فمن المنطق الدفع نحو المضي فيه». وأضافت، في خطاب لها في اللقاء السنوي لمجموعة السياسة الخارجية النسائية، إن «حل الدولتين سيتحقق قريباً، وإلّا فإن التشدد سيزداد ولن يكون الوقت في مصلحة الولايات المتحدة أو أي من الطرفين، لهذا ينبغي المضي بأقصى سرعة ممكنة».
وجدّدت رايس رفض الحكومة الأميركية بناء أو توسيع أي مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية. وأكدت أن واشنطن لن تعترف بأي وضع يستجد على الأرض. وقالت «إن الولايات المتحدة كانت واضحة مع إسرائيل تماماً حيال إعلان إسرائيل عن بناء 300 وحدة سكنية في مستوطنة جبل أبو غنيم القريبة من القدس»، التي وصفتها بأنها منطقة «حساسة».
وقالت رايس «إننا شهدنا في أنابوليس أطرافاً تحضر تحت علمها مثل السعودية وسوريا في لفتة قوية ومهمة لأنهم عازمون بالفعل على حشد الدعم لهذين الزعيمين للتحرك قدماً». وأضافت إنها «تعتقد أن الدور الذي سيؤديه السوريون سيكون مهماً، وإنها تتفهم أن سوريا تمثّل طرفاً في الصراع، وأن هناك مسارات أخرى سوى المسار الفلسطيني سيتعيّن في النهاية حسمها إذا كان للسلام الشامل أن يتحقق في المنطقة»، معربة عن أملها في أن تدعم دمشق السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وأن تدرك أن نجاح هذه المفاوضات سيساعد في إمكان حسم المسارات الأخرى والصراع كله.
وفي السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن تقارير وصلت إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية أخيراً تشير إلى أن الولايات المتحدة تؤيد عقد مؤتمر إقليمي آخر في موسكو لتحريك عملية سياسية بين إسرائيل وسوريا ولبنان. وأضافت إن التقارير تستند إلى محادثات بين دبلوماسيين إسرائيليين وروس جرت في موسكو وفي مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وبحسب هذه التقارير، فإن المؤتمر في موسكو سيعقد في شهر نيسان من العام المقبل على مستوى وزراء الخارجية.
إلى ذلك، ندّد الرئيس التركي عبد الله غول بقرار إسرائيل توسيع استيطانها في القدس الشرقية، ورأى أن هذه الخطوة «خرق فاضح» للقرارات الأخيرة التي اتّخذت خلال مؤتمر أنابوليس في الولايات المتحدة.
وقال الرئيس التركي، في مؤتمر صحافي مع الملك الأردني عبد الله الثاني، «أعتقد أن على القيادة الإسرائيلية تصحيح ذلك، كما عليها ألّا تسمح بأن تصل عملية السلام إلى المأزق».