بول الأشقر
تحوَّل الرئيس البيروفي الأسبق ألبرتو فوجيموري، الذي حكم البيرو بيد من حديد بين عامي 1990 و2000، إلى أول رئيس في تاريخ البلاد تصدر بحقه عقوبة سجن عن محكمة قضائية، أول من أمس.
وبعد ثلاثة أشهر من تاريخ تسليم القضاء التشيلي فوجيموري إلى القضاء البيروفي، صدر أول حكم بحقه: ست سنوات سجن لانتحال صفة ،وتوجيه الأمر باحتلال منزل زوجة قائد استخباراته فلاديميرو مونتيزينوس، في آخر أيامه في الرئاسة، من أجل وضع اليد على شرائط مصورة كان يسجلها مونتيزينوس للقاءاته، وتتضمن إثباتات عن تورط فوجيموري وأعوانه في أفعال غير شرعية.
خلال المحاكمة، اعترف فوجيموري بأنه أعطى الأمر لرجل كان قد انتحل أيضاً صفة الشرطي، ما جعل القاضي يقلِّص العقوبة من سبع إلى ست سنوات، معتبراً فوجيموي «محرضاً، لا مرتكباً». وأوضح فوجيموري أنه أمر باحتلال البيت من أجل اعتقال مونتيزينوس. ولكن الدفاع لم يستطع شرح سبب أعطاء هذا الأمر ثلاثة أيام بعد أن توارى مونتيزينوس ـــــ المعتقل حالياً ـــــ عن الأنظار وخصوصاً حول سبب نقل الشرائط إلى قاعدة عسكرية داخل مطار ليما الدولي، حيث بقي فوجيموري وصهره، سفير البيرو لدى اليابان آنذاك، كل صبيحة يوم 7 تشرين الثاني عام 2000 يستعرضان شرائط عرفت وقتها بـ«فلادي ـــ فيديو» من أكثر من 50 حقيبة كان قد تم احتجازها من بيت مونتيزينوس.
بعد الحادثة بثلاثة أيام، وخلال سفر رسمي إلى طوكيو، تنحى فوجيموري عن الرئاسة وطلب اللجوء السياسي إلى اليابان حيث بقي ـــ محتمياً بجنسيته اليابانية الثانية ـــ لغاية يوم قراره السفر إلى التشيلي في أواخر عام 2005 قبل بدء الانتخابات الرئاسية في بلاده عام 2006 بأشهر.
واستمع فوجيموري إلى الحكم الذي استمرت قراءته حوالى ثلاث ساعات وهو يبدي حركات عصبية قبل أن يستأذن للخروج إلى المرحاض. وكانت نائبة موالية لفوجيموري تهدد القاضي من وراء زجاج واق، فيما رأت ابنته النائبة كيكو فوجيموري أن أباها «يتعرض إلى اضطهاد قضائي».
ويأتي هذا الحكم قبل أشهر من بلوغ فوجيموري السبعين من عمره، ما كان سمح بتحويل عقوبة السجن إلى إقامة جبرية.
ولكن الرئيس الأسبق يخضع أيضاً إلى أربع دعاوى أخرى أكثر خطورة، ومنها تلك التي سبَّبت له ارتفاعاً في الضغط أدى إلى تأجيل الجلسة نهار الاثنين الماضي. والدعوى هنا بمبادرة من أهالي الضحايا تبحث عن مسؤولية فوجيموري في مجزرتين ذهب ضحيتهما 25 مواطناً، عائلتان في حي شعبي وأستاذ جامعي مع طلابه، على يد «قوات خاصة بالقتل». والحكم المتوقع في هذه القضية، إذا ثبتت مسؤوليته، يتراوح بين 25 و30 سنة سجناً.
وكان فوجيموري، الذي يحظى حتى اليوم بشعبية ما والذي تتحالف حتى الآن كتلته النيابية مع «عدوه اللدود» الرئيس الحالي آلان غارسيا، قد ألقى خطاباً حماسياً للتنصل من أية مسؤولية في هذه القضية الاثنين الماضي، ما أدى إلى ارتفاع ضغطه.