عقد وزيرا الخارجية الأميركي، جون كيري، والإيراني محمد جواد ظريف، أمس، جولة مفاوضات شاقة في سويسرا، على أمل التوصل إلى «اتفاق تاريخي» حول البرنامج النووي الإيراني. ورغم أن دبلوماسياً أميركياً بدا غير متفائل بفرص التوصل إلى اتفاق مماثل في نهاية آذار، إلا أن التصريحات التي أدلى بها المسؤولون من الجانبين بدت أكثر تفاؤلاً بقرب التوصل إلى هذا الاتفاق. وفي ختام محادثات مع كيري، استمرت خمس ساعات، أعلن ظريف أن الجانبين اقتربا من إيجاد حلول لبعض المسائل العالقة، مؤكداً أن «من الضروري أن نجري محادثات مع جميع الأطراف، حتى يوم الجمعة، لنرى ما هي النتائج التي ستؤول إليها المفاوضات». وعمّا إذا كانت هناك أي تسوية بشأن منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، قال: «أخيراً سنحصل على شيء».

وأشار ظريف إلى أنه بحث خلال هذه المحادثات موضوع إجراءات الحظر ورسالة أعضاء الكونغرس من الجمهوريين إلى المسؤولين الإيرانيين، مشدداً في الوقت ذاته على أنه «رغم أننا نعتبر رسالة الكونغرس حركة سياسية، لكنّ المطلوب أن توضح الإدارة الأميركية لنا موقفها من هذه الرسالة».
وكان ظريف قد قال، وهو على متن الطائرة التي أقلّته إلى جنيف، إن «هذه الجولة من المفاوضات ستركز على التفاصيل وكذلك على تعهدات كل أطراف التفاوض»، مؤكداً «إحراز تقدم في القضايا التقنية، لكن بعض الأمور تحتاج إلى مزيد من النقاش والمحادثات». وأضاف: «أصبحنا قريبين جداً من حسم القضايا التقنية»، مشيراً إلى أن «صياغة نص الاتفاق النووي ستبدأ بعد التفاهم حول الإطار العام».
النواب الإيرانيون لن يفشلوا
الاتفاق النووي الذي يجري إبرامه إذا وافق عليه المرشد الأعلى

وبعد لقائه مع كيري، غادر ظريف مدينة لوزان إلى بروكسل، حيث أجرى محادثات مع وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، فيما واصل رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، محادثاته مع الجانب الأميركي، لمناقشة المسائل الفنية. وسيشارك المفاوضون من الدول الخمس الكبرى في المحادثات، اعتباراً من يوم غد، بحسب مسؤولين إيرانيين.
من جهته، أوضح كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، أن الاجتماع مع الجانب الأميركي تركّز على الأمور التنفيذية، مضيفاً أن «هذه الوتيرة قد تقرّب من إيجاد الحلول للقضايا العالقة». وأكد عراقجي أن «الهدف من المحادثات هو تقليل المسائل الخلافية والتوصل إلى حل»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد أي موعد للتوصل إلى تفاهم سياسي». ولفت مساعد وزير الخارجية الإيراني الانتباه إلى «حصول تقدّم في المحادثات الثنائية مع الأميركيين، رغم وجود خلافات حول بعض القضايا، لأن التفاصيل كثيرة ومعقدة».
كذلك، وصف رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي محادثاته، أمس، مع وزيرالطاقة الأميركي، ارنست مونيز، بأنها «أحرزت تقدماً، وهو ما يعد مؤشراً إيجابياً».
في السياق ذاته، أعلن رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، أن النواب الإيرانيين لن يفشلوا الاتفاق النووي، الذي يجري إبرامه مع القوى الكبرى إذا وافق عليه المرشد الأعلى علي خامنئي، مندداً بالتهديد الذي لوّح به الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي.
وقال لاريجاني: «نحن معاً وهناك تنسيق وتشاور بين الحكومة والبرلمان والجميع تحت إشراف المرشد الأعلى»، الذي له الكلمة الفصل حول الملفات الإستراتيجية في إيران.
على الجانب الأميركي، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية إن واشنطن تتوقع أن يتمّ الحسم، حتى نهاية الشهر الحالي، في ما إذا كان من الممكن إنجاز اتفاق يرضي كلا الجانبين، فيما صرح دبلوماسي أميركي، بأنه «ما زال على إيران اتخاذ قرارات صعبة جداً وضرورية لتهدئة المخاوف الكبرى الباقية بخصوص برنامجها النووي»،
وقال المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته: «لا نزال نأمل أن نتمكن من تحقيق ذلك، ولكن بصراحة ما زلنا لا نعلم ما إذا كنا سنتمكن من ذلك».
من جهة أخرى، رأى وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أنه لا يزال هناك طريق طويل قبل إبرام الاتفاقية بشأن البرنامج النووي الإيراني. وقال هاموند، عقب وصوله أمس إلى بروكسل: «نحن قريبون من الاتفاقية أكثر ممّا كنا، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل»، مضيفاً أن «هناك مجالات حققنا فيها تقدماً، ومجالات أخرى علينا تحقيق تقدم فيها».
كذلك، عقّب وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، على المحاثات بالقول إن تقدماً ما جرى التوصل إليه، إلا أن عدداً من المسائل المهمة المتعلقة ببرنامج طهران النووي لا تزال عالقة. وأضاف: «نريد التوصل إلى اتفاق متين جداً».
من جانبها، اعتبرت المفوضة الأوروبية لشؤون السياسة الخارجية، فيديريكا موغيريني، أن الاجتماع بين وزير خارجية إيران مع نظرائه البريطاني والألماني والفرنسي سيسمح بإنهاء الخلافات القائمة بين الطرفين، معربة عن الأمل «في أن استثمارنا الأوروبي سيساعد مساء اليوم على محو بعض الخلافات». وأضافت أنه لا يزال يتعين على جميع الأطراف التوصل إلى «أرضية مشتركة»، قائلة: «ندخل مرحلة حاسمة. أسبوعان حاسمان من المفاوضات ينبغي التوصل خلالها إلى أرضية مشتركة من أجل اتفاق جيد».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)