بغداد ــ زيد الزبيدي
يثير استمرار الفلتان الأمني في العراق استغراب المراقبين السياسيّين في العالم. لكنّ هذا الاستغراب قد يكون مضاعفاً عندما يعلم هؤلاء أنّ العراق هو «الأوّل عالميّاً بعدد قوّاته الأمنية، قياساً إلى مجموع السكّان»، وهذا من دون حساب أعداد قوّات الاحتلال المتعدّدة الجنسيات.
وإذ يحتلّ العراق المرتبة الأولى أو مراتب متقدّمة جدّاً في مجالات الفساد الإداري وأعداد القتلى والمخطوفين والمعتقلين واستهداف الصحافيّين والمثقّفين والعلماء... تأتي هذه المرتبة الجديدة لتعداد القوى الأمنية، بشكل معكوس عمّا يفترض أن يكون عليه واقع الحال.
وكشف عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي عباس البيّاتي عن أن عدد أفراد القوى الأمنية العراقية بلغ مليوناً و400 ألف منتسب (ما عدا ميليشيات الأحزاب الحكومية)، ما يجعل «نسبة رجال الأمن قياساً بالسكّان في بلاد الرافدين هي الأعلى في العالموحذّر كل من البياتي و إمام مسجد الخلاني في بغداد، الشيخ محمد الحيدري المقرّب من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، من خطورة هذه الظاهرة لما فيها من «عسكرة للمجتمع». ويضيف البياتي أنّ الحسابات تشير إلى أنّ لكلّ 20 شخصاً في العراق هناك شرطياً واحداً، ولا دولة على الكرة الأرضية فيها هذه النسبة، «في حين أنّ المقاييس الدولية تقول إنّ لكلّ 300 شخص شرطياً واحداً».
وإذ عبّر البياتي عن رفضه «عسكرة المجتمع» بقبول أعداد كبيرة من المتطوّعين في الجيش والشرطة، مطالباً باعتماد معايير مهنية لقبولهم في الأجهزة الأمنية، فإنّ متابعي الشأن العراقي يرون أنّ سبب هذا «التضخّم» هو قيام إدارة الاحتلال والحكومة بتعطيل كل المنشآت الإنتاجية في خطوة أولى نحو «الخصخصة»، وبيع تلك المنشآت للاستثمارات المحلية أو الأجنبية، وذلك بهدف «رسملة» الاقتصاد العراقي عموماً.
ومع تعطيل العجلة الصناعية والتجارية والخدماتيّة، وجد «المخطّطون الجدد» أنّ البطالة الهائلة، هي حاضنة أساسية للعنف بمختلف أشكاله، فيما لا فرص عمل متاحة، إلّا في الأجهزة الأمنية التي فُتحت على مصاريعها، ما أدّى إلى تفاقم الفساد الإداري المستفحل في البلاد، إضافة إلى تفاقم العنف الذي يرتدي البزّة الرسمية.