بغداد ـ الأخبار
شهدت محافظة البصرة، أمس، مراسم تسلّم القوّات العراقية للمسؤولية الأمنيّة من القوّات البريطانية التي تُعدّ القوّة الثانية في قوّات الاحتلال المتعدّدة الجنسية العاملة في العراق، بعد القوّات الأميركية.
وقد استندت القوّات البريطانية في حجّة مشاركتها في غزوها واستمرار تواجدها في العراق، إلى قرارات مجلس الأمن الدولي 1546 و1637 و1723، فضلاً عن الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف البريطانية القاضي بمشروعية مشاركة هذه القوّات في الحرب على العراق ووجودها بعد ذلك هناك.
وتمركزت هذه القوّات في المنطقة الجنوبية والجنوبية الشرقية من العراق، وبالتحديد في محافظات المثنّى وذي قار وميسان والبصرة، وهي المناطق التي كانت من ضمن ستّ مناطق عسكريّة قسّمتها القوّات الأميركية.
ومن أهمّ المهمّات الملقاة على عاتق القوات البريطانية في العراق بعد سقوط النظام السابق، مراقبة الحدود الشرقية المحاذية لإيران وحماية آبار النفط العراقية وميناء أمّ قصر، وكذلك إعادة تأهيل بعض قوّات الأمن والشرطة العراقية.
وكانت القوّات البريطانية من أهم القوّات التي تحالفت مع الولايات المتّحدة لاجتياج العراق، حيث شاركت بما يزيد على 46 ألف جندي عام 2003 في الغزو، بالرغم من المعارضة الشديدة من الشارع البريطاني لقرار حكومة لندن. ومنذ اليوم الأوّل، خرجت تظاهرات شعبيّة تجاوز بعضها المليوني متظاهر، مندّدة بالاشتراك في تلك الحرب ومطالبة بسحب الجنود. كما طالب سياسيّون بريطانيّون بتشكيل لجنة تحقيق وطنية لمعرفة أسباب «فشل» تلك القوّات في مهمّاتها ما بعد الغزو.
وترى مصادر عسكرية بريطانية أنّ عملية الحرب على العراق هي أكبر العمليات العسكرية في تاريخ بريطانيا بعد الحرب العالميّة الثانية، وذلك لأنّ عدد القوّات التي حشدتها المملكة للغزو هي الأكبر من تلك التي شاركت بها في الهجوم الثلاثي على مصر أو كما تسمّيها بريطانيا حرب قناة السويس عام 1956، وحرب الكويت عام 1991 أو حتّى حرب الفوكلاند عام 1982 ضدّ الأرجنتين.
وقد شاركت القوّات البريطانية بحرب العراق بـ26 ألف جندي من القوّات البرية و4 آلاف جندي من مشاة البحرية و5 آلاف بحّار تابعين لسلاح البحرية الملكية، إضافة إلى بحّارة احتياط وأكثر من 8 آلاف جندي تابعين للقوّة الجوية الملكية وما يقارب الـ 3 آلاف جندي خُصّصوا للدعم والإسناد.
ولم يكن وجود هذه القوات مفروشاً بالورود في العراق، حيث لاقت مقاومة عنيفة في جنوب العراق، إذ وصل إجمالي ما قُتل من جنودها إلى 170 جندياً، وفقاً للمصادر الرسمية البريطانية.
ويرى بعض المتابعين أنّ هذا الرقم كان أحد الأسباب التي دفعت الحكومة البريطانية إلى التفكير في إعلان تقليص عدد قوّاتها ووجودها العسكري في العراق؛ فبعدما كان عدد الجنود البريطانيين 46 ألفاً في آذار 2003، تقلّص هذا الوجود إلى 18 ألفا في أيّار من العام نفسه وإلى 8600 في عام 2004 ثمّ تضاءل هذا العدد حتى وصل إلى 7200 جندي في عام 2006، قبل أن تواصل الحكومة البريطانية خفض قوّاتها إلى أن وصل إلى 5500 جندي في أيّار 2007.