باريس ــ بسّام الطيارة
حاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس الموازنة بين القاتل والقتيل حين وزّع إدانته بين العدوان على غزة وبين إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية، التي جدّدت سلطات الاحتلال التمسّك بتوسيعها

أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس دعمه لفكرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نشر قوة دولية في الأراضي الفلسطينية، مجدّداً المطالبة بوقف الاستيطان الإسرائيلي، ومعرباً عن إدانته لعمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، وذلك غداة إعلان نيته مكافحة «الفوضى والعنف والإرهاب»، في وقت بدأ فيه مبعوث الولايات المتحدة لعملية السلام الجنرال جايمس جونز محادثات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية قبل جولة المفاوضات الثانية في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.
وعقد الرئيس الفلسطيني أمس مؤتمراً صحافياً في العاصمة الفرنسية لشرح نتائج مؤتمر الدول المانحة. ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن الخطوات التطبيقية والعملية الكفيلة بجعل غزة تستفيد من هذه المعونات، قال عباس إن «أكثر من نصف الميزانية التي تصرف حالياً تذهب إلى قطاع غزة ولم ينقطع الصرف عنها» منها الرواتب وتكاليف المياه والكهرباء إضافة إلى التسهيلات التي تقدمها السلطة الوطنية الفلسطينية. كما أشار إلى أنه «تم إعفاء الغزاويين من دفع الضرائب» لمساعدتهم على تجاوز هذه الأوقات العصيبة ومراعاة لها. وشدّد على أن «الوطن الفلسطيني هو وطن واحد بصرف النظر عن الانقلاب الذي قامت به حماس».
ورداً على سؤال ثان لـ«الأخبار» عن المفاوضات بين السلطة و«حماس» لتجاوز الخلافات القائمة، قال عباس «إن حماس جزء من الشعب الفلسطيني ولا أحد يستطيع أن ينكر هذا الشيء». وأضاف إن حماس «نجحت في الانتخابات التشريعية التي كنا نشرف عليها، إلا أنها ارتكبت حماقة كبيرة بحق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني». وأضاف «عندما تتراجع عن الانقلاب سيكون هناك حديث مع حماس»، مشيراً إلى أن عليها أن «تلتزم كل القرارات العربية والدولية التي ألزمنا أنفسنا بها».
وجدّد الرئيس الفلسطيني الإشارة إلى أنه «لم يتلقّ أي ضمانات من إسرائيل أو الولايات المتحدة» بوقف الاستيطان أو بإقامة دولة فلسطينية خلال العام المقبل. وقال «لا ضمانات لأي شيء، فقد تكون هذه السنة هي سنة سلام وقد لا تكون». ورأى أن «العقبة الحقيقية لا تزال في استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية».
وأعرب عباس عن «تأييده لفكرة نشر قوة دولية لمساعدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية». وأضاف «نعمل على أن تكون موقفاً دولياً في المستقبل القريب». ودان الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة. وقال «ونرفض الحملات التي تشن على قطاع غزة ونرفض الحصار الظالم المفروض عليه». كما دان إطلاق الصواريخ من غزة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، ووصفها بأنها «أعمال عبثية».
وفي السياق، أعلنت «ألوية الناصر صلاح الدين»، الذراع المسلحة للجان المقاومة الشعبية، رفضها لنشر أي قوات دولية في الأراضي الفلسطيني، مهددة باستهدافها.
في هذا الوقت (أ ب)، بدأ الجنرال الأميركي جايمس جونز زيارة إلى إسرائيل، حيث التقى وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس الأركان غابي أشكينازي وعدداً من المسؤولين العسكريين. وقال بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلية إن «المشاركين ناقشوا قضايا إقليمية ودبلوماسية وأمنية، في مقدمتها كيف ستتعاون إسرائيل مع الجنرال جونز». وأضاف إن باراك «طرح النقاط الأساسية التي تهمّ الأمن الإسرائيلي».
كما عقد المبعوث الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت، قبل أن ينتقل إلى الضفة الغربية للقاء عباس ورئيس الحكومة سلام فياض.
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، حاييم رامون، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن النمو الاستيطاني «يقتصر بشكل كبير» على تكتلات استيطانية كبيرة تأمل إسرائيل الاحتفاظ بها في أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وأضاف إن إسرائيل ستعوض الفلسطينيين بمنحهم أراض في مقابل التكتلات الاستيطانية.
إلى ذلك، قالت المنظمة الخيرية البريطانية (أوكسفام) إن التبرعات التي تعهدت الدول المانحة تقديمها للسلطة الفلسطينية في باريس أول من أمس ستصب في وعاء يرشح، ورأت أن التحدي الذي تواجهه الدول المانحة هو سد ثقوب الوعاء لا صب التبرعات بصورة عاجلة.
وأشار مدير برنامج الشرق الأوسط في أوكسفام، آدم ليتش، إلى «أن ملايين الدولارات من أموال التبرعات للفلسطينيين في غزة ضاعت بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع وتقييدها حركة سكانه».