بغداد ـ الأخبار
هيمنت قضيّتا أزمة مدينة كركوك والتدخّل العسكري التركي الذي استمرّ أمس في شمال العراق، على ثامن زيارة قامت بها وزيرة الخارجيّة الأميركيّة كوندوليزا رايس إلى بلاد الرافدين صباح يوم أمس.
وكان لافتاً أنّ رايس اختارت مدينة كركوك الشمالية المتنازع عليها كمحطّة أولى لها، حيث تبنّت حلاً تدويليّاً للمدينة يقوم على «اللجوء إلى الأمم المتحدة التي يمكنها أن تهيّئ الحلّ الأفضل» كما قالت بعد اجتماعها مع محافظ كركوك وأعضاء مجلس المحافظة من كل القوائم العربية والكردية والتركمانية، وذلك بعد أيّام من إعلان نائب وزيرة الخارجية الأميركية جون نغروبونتي عن تأجيل موعد الاستفتاء الذي كان مقرّراً في نهاية العام الجاري لتحديد مصير المدينة.
ونقل عضو مجلس المحافظة رياض الدانوك الكردي عن رايس إشارتها إلى أنّه «لا يمكن الاعتماد على التاريخ أو اللجوء إليه في حلّ مشاكل» كركوك، في إشارة إلى مطالب الأكراد ضمّها إلى إقليم كردستان بعد إجراء الاستفتاء الدستوري على ذلك بموجب المادّة 140 من الدستور. وقالت، رايس وهي تجلس إلى طاولة مع أكثر من 20 ممثّلاً في المجلس: «تطلّعت دوماً للمجيء إلى كركوك. إنّها محافظة هامّة لمستقبل العراق...».
أمّا الموقف الأبرز، فاتّخذه رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني الذي رفض الاجتماع برايس بعدما انتقلت الأخيرة إلى بغداد، وذلك احتجاجاً على موافقة واشنطن على القصف التركي لشمال البلاد.
وقال رئيس حكومة الإقليم نيجرفان بارزاني: «لم يتوجّه البرزاني إلى بغداد للقاء رايس كما كان مقرّراً، احتجاجاً على الموقف الأميركي الذي سمح للطيران التركي بقصف شمال العراق».
لكن خرق تركيا للسيادة العراقية لم يمنع الرئيس العراقي جلال الطالباني من الاجتماع برئيسة الدبلوماسية الأميركية في بغداد، حيث انفجرت سيّارة مفخخة، بالتزامن مع هبوط مروحيّة الوزيرة الأميركية في المنطقة الخضراء. وقالت الشرطة إنّ الانفجار أدّى إلى مقتل أربعة أشخاص.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها العراقي هوشيار زيباري، رأت رايس أنّ «للولايات المتحدة والعراق وتركيا مصلحة مشتركة في وقف أنشطة حزب العمّال الكردستاني الذي يهدّد الاستقرار في شمال» العراق. وأضافت: «ما حصل الأحد الماضي (الغارات التركية التي أدّت إلى سقوط ضحايا مدنيّين) كان قراراً تركيّاً، وقد أعربنا بوضوح للحكومة التركية عن قلقنا حيال أي عمل قد يؤدي إلى وقوع ضحايا مدنية أو قد يزعزع استقرار شمال العراق».
وفي ما قالته رايس خلال اجتماعاتها مع القيادات العراقية في بغداد، أوضح منسّق العراق في الخارجية الأميركية دايفيد ساترفيلد للصحافيّين المرافقين لرايس: «قالت لهم: انظروا لما تحقّق على الصعيد الأمني والاقتصادي. أنتم عليكم اللحاق لتعزيز وترسيخ المكاسب الأخرى».
وأعرب ساترفيلد عن سعادة إدارته لإنهاء العرب والتركمان لمقاطعتهم مجلس محافظة كركوك، مشيراً إلى أنّ التركمان «يتحركون بثبات أكبر صوب المشاركة».
وكانت مصادر كردية قد قالت إنّ زهاء 700 جندي تركي دخلوا أراضي إقليم كردستان بعمق 8 كيلومترات في منطقة كاني رش في ناحية سيدكان في محافظة دهوك الكردية. وفي وقت لاحق، أعلنت الحكومة الكردية أنّ القوات التركية انسحبت من المنطقة بعد أقلّ من 24 ساعة من غزوها المحدود.
وبحسب صحيفة «حريات» التركية، قد ينتمي الجنود إلى وحدات خاصّة منتشرة في جنوب شرق الأناضول تحاول منع فرار المقاتلين من مواقعهم نتيجة عمليات القصف في نهاية الأسبوع الماضي.