برلين ـ غسان أبو حمد
عكّر وزير الداخلية الألماني ولفغانغ شويبله فرحة الرعايا المسلمين المحتفلين بعيد الأضحى، بكشفه عن دراسة «اجتماعية علميّة»، جاء في خلاصتها أنّ كلّ رابع مسلم في ألمانيا هو «إرهابي محتمل» ومستعدّ لاستخدام «الإرهاب بالفعل ضدّ الكافرين ومعتنقي الديانات الأخرى».
هذه الخلاصة «العلميّة» التي أعلنها شويبله، وصفها عديدون بأنّها غير مبرّرة من حيث «توقيتها الزمني» في فرحة العيد، وفي ظلّ «مناخ التجريم» الدولي للمسلمين. ووضعت الدراسة المذكورة الرعايا المسلمين في ألمانيا في حالة قلق وخوف، ودفعت ببعض الإعلاميّين الألمان أمس إلى وصفها بأنها «صدمة اجتماعية»، كما عنونت صحيفة «فرانكفورتر روندشاو»، وإلى التأكيد أنّها «مجموعة متفجّرات سياسية»، كما رأت «تاغز شبيغل»، وإلى أنها تستحضر التاريخ النازي الألماني، في بعض مضامينها، للاستعاضة عن «يهود الماضي بمسلمي الحاضر» كما قالت إذاعة «يوتوبيا».
وللمزيد من تفاصيل الدراسة المذكورة، التي أشرف على إعدادها فريق من الخبراء العاملين في قسم العلوم الجنائية التابع لكلية الحقوق في جامعة هامبورغ، يُشار إلى الخلاصة التالية: «إنّ مسلماً واحداً من أصل سبعة في البلاد يملك رأياً سياسياً متشدّداً، لكن 90 في المئة من مسلمي ألمانيا يرفضون الإرهاب». وأفادت الدراسة، التي حملت عنوان «المسلمون في ألمانيا»، بأنّ 40 في المئة من معتنقي الديانة الإسلامية، الذين يقدّر عددهم بنحو أربعة ملايين، يرفضون الديموقراطية ودولة القانون، ويتقبّلون أعمال العنف.
وتضيف الدراسة المذكورة «أنّ 14 في المئة من المسلمين في ألمانيا، الذين خضعوا للاستفتاء، أبدوا استعداداً لاستخدام العنف، ويرفضون المبادئ الديموقراطية».
وفي خلاصة يصل إليها الفريق المشرف على الدراسة، برئاسة عالمي الاجتماع في جامعة هامبورغ، بيتر فيتزل وكاترين بريتفيلد، فإن «نسبة 12 في المئة من المسلمين في ألمانيا لديهم قناعات أصولية ومتطرّفة ويكرهون المجتمعات الغربيّة، ولديهم الاستعداد لمعاقبة المخالفين لقناعاتهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم، بالتشويه الجسدي والإعدام».
أمّا الخبير في العلوم الاجتماعية والأنثروبولوجيا البروفيسور فيرنر شيفباور، فيرى من ناحيته، أن «الجيل الثالث من الشباب المسلم في ألمانيا يتملكه الشعور الدائم بكونه أجنبياً ويجري إبعاده وعدم دمجه في المجتمع الألماني، ما يدفعه للبحث عن أجوبة لأسباب هذا الإبعاد غير المبرّر».
ويرفض البروفيسور شيفباور تعميم وصف «العداء للديانات الأخرى» على جميع المسلمين، ويقول: «هذا الاعتقاد خاطئ تماماً، ويصعب تأكيده، وليس صحيحاً على الإطلاق القول إن مسلماً واحداً من أصل اثنين يؤمن بأنّ حمله السلاح والقتال حتّى الموت يعبّد طريقه إلى الجنّة».
ويحذّر البروفيسور شيفباور من وقوع «كارثة اجتماعية كبيرة في حال اجتزاء مقاطع محدّدة من الأقوال الشائعة في العالم وتعميمها على جميع المسلمين في المانيا»، مؤكّداً أنّ تهمة العنف والإرهاب وعدم احترام قانون الدولة الألمانية تنطبق على المسلمين كما تنطبق على معتنقي الديانات الأخرى بالتساوي.
وفي هذا السياق، يؤكّد شيفباور أن معاداة «قانون الدولة» لا ينحصر بالشباب المسلم في الجامعات، مذكّراً بموجة الإرهاب التي اجتاحت الجامعات الألمانية في سبعينيات القرن الماضي وأبطالها من جماعة «الألوية الألمانية الحمراء». كما يلفت إلى أن «حصر هذه التهمة بالطلاب المسلمين من دون سواهم يدفع إلى المزيد من شعورهم بالعزلة من المحيط الاجتماعي الذي يعيشون فيه، وبالتالي إلى الردّ بأعمال متطرّفة لتبرير وجودهم، وخصوصاً لدى جيل الشباب المسلم في الجامعات الألمانية».
أمّا المتحدث باسم مجلس التعاون الإسلامي في ألمانيا، التركي بكير ألبوغا، فيؤكد من ناحيته أن «جيل الشباب المسلم في ألمانيا ليس معادياً للديموقراطية الغربيّة، بل هو يحترم مبادئ المجتمع الغربي وحقوق الدولة كما يحترمها المواطن الغربي تماماً، وأنّ الديانة الإسلامية تحترم القيم الإنسانية وتحظّر على المسلم أعمال القتل».
وحاولت وزارة الداخلية الألمانية التخفيف من وطأة الدراسة، فأكدت على لسان متحدث باسمها أنّ نتائج الاستطلاع «غير مثيرة للقلق». وأضاف أنّه بخلاف هذه النقطة، تعطي الدراسة نتائج متوازنة إلى حدّ كبير، وتوضح أن المسلمين في ألمانيا يمثلون «عنصراً أساسياً ثابتاً ومندمجاً إلى حدّ كبير».