strong>بول الأشقر
يبدو أن أزمة الرهائن الكولومبيين الثلاثة المحتجزين لدى حركة القوات المسلحة الثورية في كولومبيا «فارك»، قد شهدت آخر فصولها أمس، مع إعلان البرازيل أن عملية تسلّمهم ستجري اليوم الجمعة.
وقال مستشار الرئيس البرازيلي ايناسيو لولا دا سيلفا، المكلف متابعة العملية باسم بلاده، ماركو اوريليو غارسيا، إن «العملية ستجري غداً» الجمعة. وأضاف غارسيا، الذي وصل أمس الى العاصمة الفنزويلية كاراكاس، في حديث لإذاعة «سي بي أن»، «لدينا أمل في أن تمثّل هذه العملية خطوة أولى على طريق طويل يهدف الى حل مشاكل كل الرهائن، وبعد ذلك التوصل الى تسوية سلمية للنزاع الذي يهز كولومبيا منذ أكثر من أربعين عاماً».
وتتضمّن خطة الإفراج عن الرهائن الثلاثة، دخول قافلة جوية مؤلفة من طائرات ومروحيات تحمل شارات الصليب الأحمر الدولي من أحد المطارات الفنزويلية القريبة من الحدود بين البلدين، والتوجّه إلى مدينة فيلافيسينسيو الكولومبية، عاصمة إقليم ميتا، الواقعة على بعد مئة كيلومتر في جنوب شرق بوغوتا، وحوالى 500 كيلومتر من الحدود الفنزويلية. وفي هذا الإقليم أيضاً منطقة يوريبي، الجيب التاريخي للثوار الماركسيين.
ومن فيلافيسينسيو، ستنطلق مروحيتان في اتجاه مجهول لتسلّم الرهائن والعودة بهم إلى فيلافيسينسيو، ومنها إلى فنزويلا. وسيشارك في العملية، إضافة إلى الصليب الأحمر، ممثلون عن رؤساء الأرجنتين والبرازيل وكوبا وبوليفيا والإكوادور، إضافة إلى مندوب عن الحكومة الكولومبية وممثل عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
ويمثّل وجود مندوبي الرؤساء نوعاً من الضمانة الدولية لحسن سير العملية، حيث تكمن دقتها في أن المنطقة تقع على الحدود مع ست محافظات كولومبية، ومع 15 جبهة قتال يشارك فيها حوالى 20 ألف جندي كولومبي.
وفي السياق، من المرجح، بعد أن تعلن «الفارك» في فيلافيسينسيو مكان الرهائن، أن تجمّد العمليات العسكرية في هذه المنطقة المحدّدة خلال ساعات. وكانت مجموعة «الفارك» المتمردة قد أعلنت الإفراج عن ثلاث رهائن كـ «عمل أحادي تكريماً للرئيس (الفنزويلي هوغو) تشافيز» الذي جرّده الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي قبل شهر ونيف من دور الوسيط في التبادل الإنساني بين الرهائن ومعتقلي «الفارك» في السجون الكولومبية والأميركية.
يذكر أن الرهائن الثلاثة هم: المحامية كلارا روخاس، معاونة الرهينة الفرنسية الكولومبية إنغريد بيتانكور، (وكانت المرأتان قد خطفتا خلال الحملة الانتخابية عام 2002 عندما دخلتا في منطقة نفوذ الفارك)، وإيمانويل، ابن كلارا، الذي ولد في المعتقل إثر علاقة أقامتها مع أحد معتقليها. ولا أحد يعرف معالم هذا الطفل ولا عمره المقدر بـ3 سنوات. أمّا الرهينة الثالثة، فهي عضو مجلس الشيوخ كونسويلو غونزاليس التي خُطفت قبل ساعات من عملية الحادي عشر من أيلول عام 2001.
وقال تشافيز ــــــ الذي تميز مؤتمره الصحافي بلهجة مهادنة إزاء حكومة كولومبيا ــــــ بأنه كان باستطاعته تلقي الرهائن بشكل سري، لكنه فضّل عملية «شفافة تحاشياً لأي خطر على حياة الرهائن». ولفتت نظر المراقبين أيضاً سرعة تجاوب الحكومة الكولومبية وموافقتها على الخطة من دون طلب أي تعديل عليها.
وإذا تمت عملية الإفراج بنجاح، فستمثّل إعادة اعتبار لتشافيز، وتأكيداً جديداً بأنه الشخصية المؤهلة لإيصال التبادل الإنساني إلى خواتيمه السعيدة. وبعد الإفراج، قد يبدأ التفاوض على شروط التبادل وظروفه بين مجموعة «الفارك» والحكومة الكولومبية.
ومن المرجّح أن يكون التفاوض صعباً وطويلاً، وخصوصاً إن لم يشارك فيه تشافيز نظراً للعلاقة العنيفة التي تجمع الطرفين: ينعت كل منهما الآخر بالمجرم ولا يعترف له بأيّ صفة سياسية. يضاف إلى ذلك وجود ثلاثة موظفين أميركيين يعملون لحساب وزارة الدفاع ــــ على الأرجح مستشارين عسكريين في «خطة كولومبيا» ـــــ ، بين الرهائن الخمسين الذين تنوي «الفارك» مقايضتهم مع معتقليها الخمسمئة.