أوقع تقرير الاستخبارات الأميركية أمس عن الوضع في العراق الإدارة الأميركية في حرج واضح، بفعل الرؤية التشاؤمية التي رسمها، إلى حد وصف ما يجري في بلاد الرافدين بـ«الحرب الأهلية»، وهو المصطلح الذي تحجم الإدارة الحالية، بكافة رموزها، عن التلفظ به حتى الآن.وخلصت الاستخبارات الأميركية، في تقريرها، إلى أن «مصطلح الحرب الأهلية لا يعبر بدرجة كافية عن تعقيد الصراع في العراق»، مضيفة أنه «بالرغم من ذلك، فإن هذا المصطلح يصف بدقة عناصر أساسية من الصراع العراقي، من بينها تشدد الهويات العرقية الطائفية، وتغيير كبير في سمة العنف ونزوح سكاني».
ورفض وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس استخدام مصطلح الحرب الأهلية لوصف الوضع في العراق، مشيراً إلى أنه «تبسيط مفرط لدرجة التشويه للأحداث» في العراق.
وأوضح غيتس، في مؤتمر صحافي، أن «هناك أربع حروب رئيسية تدور رحاها في العراق. واحدة بين الشيعة والشيعة، ولا سيما في الجنوب، والثانية صراع طائفي يدور بصفة أساسية في بغداد، والثالثة التمرد، والرابعة القاعدة».
ويشير تقرير الاستخبارات، المؤلف من 90 صفحة، إلى أن «العنف بين السنة والشيعة تدفعه حالة استقطاب متزايدة داخل المجتمع العراقي، ويزيدها حدة الضعف المستمر لقوات الأمن والحكومة العراقية».
وحذر التقرير من أنه «إذا لم تسفر هذه الجهود الرامية لتغيير الأوضاع عن تقدم ملموس خلال المدة الواردة في هذا التقدير، التي تتراوح بين 12 و 18 شهراً، فإننا نرى أن الوضع الأمني بأكمله سيستمر في التدهور، بمعدلات تماثل الجزء الأخير من عام 2006».
ويكشف التقرير أن قوات الأمن العراقية «ستتعرض لضغوط شديدة للاضطلاع بمسؤوليات أمنية، أو للعمل بشكل مستقل ضد الميليشيات الشيعية».
ويتوقع تقرير الاستخبارات أن يؤدي أي انسحاب أميركي إلى «سقوط أعداد كبيرة من القتلى في صفوف المدنيين، واحتمال تدخل جيران العراق، بما في ذلك توغل عسكري تركي»، مرجحاً «ألا يكون بمقدور الحكومة العراقية البقاء كمؤسسة غير طائفية، وسيستخدم تنظيم القاعدة مناطق في العراق للتخطيط لهجمات داخل البلاد وخارجها».
ورأى التقرير أن دعم إيران للشيعة «يزيد من شدة الصراع»، متهماً سوريا بـ«توفير ملاذ آمن لأعضاء سابقين من حزب البعث، وعدم اتخاذ إجراءات كافية» لمنع مقاتلين أجانب من دخول العراق.
وعلق مستشار الرئيس جورج بوش للأمن القومي، ستيفن هادلي، على التقرير بالقول إنه «يلقي نظرة قاسية على العراق، وهو يعلن بوضوح التحديات التي نواجهها، ويقول إنه يمكننا أن ننجح باعتماد سياسة جيدة، ونحن نعتقد أننا أعددنا سياسة جيدة».
ورأى هادلي أن تقرير الاستخبارات الجديد «لا يتعارض» مع الاستراتيجية التي أعلنها بوش بشأن العراق.
وفي هذا السياق، ذكرت مصادر في الكونغرس الأميركي أن بوش «سيطلب ما يزيد قليلاً على مئة مليار دولار لتغطية تكاليف العمليات الحربية في العراق وأفغانستان بقية هذا العام، ومبلغاً أكبر للسنة المالية 2008» التي تبدأ في أول تشرين الأول المقبل.
وقال مصدر في مجلس الشيوخ الأميركي إن البيت الأبيض سيطلب من الكونغرس «إقرار مبلغ 93 مليار دولار إضافي لوزارة الدفاع لتمويل نفقات الحرب، ونحو سبعة مليارات دولار لأنشطة وزارة الخارجية».
ويقول مكتب الموازنة في الكونغرس إن تكاليف إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى العراق، وفقاً لخطة بوش، «يمكن أن تصل إلى نحو 13 مليار دولار، لمهمة تستمر أربعة أشهر».
إلى ذلك، رأى مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الوزارة «لا تعتقد أن تقديرات مكتب ميزانية الكونغرس لقوات الدعم واقعية».
(رويترز، أ ف ب)