موسكو ــ حبيب فوعاني
يُشهر الجنرال الروسي ليونيد شيبارشين في كتابه «يد موسكو: مذكرات رئيس الاستخبارات السوفياتية»، راية القوّة الستالينيّة في صياغة أوليّات الصمود والمهاجمة، ويرى أنّ «كل الكائنات الحيّة مضطرّة إلى الدفاع عن حقّها في الحياة. يبقى منها الأقوى، وربّما استطاع الضعيف، لا فرق إن كان حيواناً، أو منظّمة أو دولة، العيش بعض الوقت، لكن بقدر ما يسمح له الأقوياء بذلك».
ولعلّ شيبارشين، الذي يرأس الآن شركته المختصّة بالأمن الاقتصادي، استقى هذا الشعار من تجاربه، التي بدأها بالعمل الاستخباري في باكستان وبعد ذلك في الهند، ثم في طهران، بعيد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 وحتى عام 1983، ليصبح من عام 1989 وحتى عام 1991 رئيس القسم الأوّل في الـ«كي جي بي»، المختصّ بالاستخبارات الخارجية.
ويُبرز اللقاء مع هذا العملاق السوفياتي غنى معرفياً يشير إلى خبرة رجل طالما شغلته أزمات العالم الثالث وكيفيّة معالجتها، لدرجة أنّ من يعرفونه ينقلون حادثة مدّه حزب «المؤتمر» الهندي بـ 10 ملايين دولار، من دون معرفة رئيسة الحزب وقتها أنديرا غاندي.
وتحدّث شيبارشين مع «الأخبار» عن مواضيع عديدة تؤرق الاستقرار الدولي، بدأت بالنزاع الأميركي ــ الإيراني، حيث رأى أنّه «كان هناك إمكان للوصول إلى حلّ وسط. ولكني الآن لا أستبعد أن تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، لتكثيف القوة العسكرية في الخليج وتزكية حملة واشنطن الدعائية ضد طهران»، مشدّداً على أنّ الحملة «تتصاعد وتيرتها بالطريقة نفسها، الذي جرت بها ضدّ زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأفغانستان، ثم خلال حملة العراق». وأوضح أنّه «في البداية يتمّ التحضير الإعلامي لزعزعة ثقة المسؤولين الإيرانيين بأنفسهم، ثمّ يتمّ إيجاد حجج لتبرير ذلك، وفي ما بعد لن يهتمّ أحد إلى أيّ حدّ كانت هذه الحجج واقعيّة».
وفي إطار الحديث عن «حزب الله»، الذي صنّفه خلال إحدى ندواته بأنه تنظيم سياسيّ ذو قضيّة محقّة، كرّر الجنرال موقفه ورأى أنّ «الحزب منظّمة سياسية تعمل في ظروف غير عادية. وما جرى في شهري تموز وآب في لبنان هو عدوان صارخ إسرائيلي بحجّة مختلقة، مقابل جرح وأسر جنديين تمّ قتل مئات من الناس. لكن تبيّن أنّ حزب الله ذو شعبية ساحقة وقادر على القتال ومنظّم، وقاوم الإسرائيليين بجدارة».
ومن ناحية تقييم خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوّل من أمس، ومدى صحّة التأويلات أنّه موجّه ضدّ الغرب، رأى شيبارشين أنّ «الخطاب متّزن. ولكن كيفيّة نظر الغرب إليه مرتبط بنظرته إلى روسيا، التي يتعامل معها بشكل أسوأ مما تستحق. ولكن إضافة للغرب، توجد الصين والهند وأميركا اللاتينية وأفريقيا، والغرب هو الأقليّة».
وحول الزيارة التي سيقوم بها بوتين إلى الخليج العربي، حيث تحتشد المصالح الأميركية والغربية، ومدى تبويبها في إدراج «الاختراق»، أشار الجنرال إلى أنّ «الزيارة إيجابيّة. وإدراج ذلك في سياق الاختراقات مرتبط بنتائجها». وتابع: «إنّ احتشاد مصالح واشنطن في الخليج، لا يعني أنّ السعودية دمية لها. وأعتبر علاقاتنا مع الرياض بأهميّة علاقاتنا مع إيران أو سوريا. ذلك سيساعد على لجم المجموعات، التي ترفع راية الإسلام، والتي تدّعي دعم السعودية لها في روسيا في إشارة إلى المقاتلين الشيشان».