نهاية أسبوع دموية عاشتها العاصمة العراقية بغداد، في ظل واقع سياسي عاجز، عكسته ردود الأفعال التي اكتفت بالإدانة، من دون ملامسة حدود حلول ناجعة لفرض الأمن في الساحة التي أرادها الرئيس الأميركي جورج بوش شعاراً لاستراتيجيته الجديدة.فقد أدى انفجار شاحنة محملة بـ«أكثر من طن من المتفجرات» يقودها انتحاري، في منطقة الصدرية وسط العاصمة العراقية، إلى مقتل ما يزيد على 137 عراقياً وجرح نحو 300 آخرين.
وذكرت الشرطة العراقية أن الانفجار أدى إلى تدمير عشرة مبانٍ محيطة، بينما دعا مدير مكافحة المتفجرات في العراق اللواء جهاد الجابري إلى «ترحيل جميع العرب فوراً، بما أن جميع التفجيرات الانتحارية بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة تتم من قبل انتحاريين عرب».
وعلى الأثر، صدرت إدانات عديدة عن مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي حمّل «الصداميين والتكفيريين مسؤولية الحادث»، والبيت الأبيض الذي وصف الانفجار بأنه من «الفظائع»، والاتحاد الأوروبي، وهيئة علماء المسلمين التي رأت في التفجير «عملاً إرهابياً يُراد من ورائه تأجيج الفتنة الطائفية».
وفي القاهرة، أعرب وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط عن قلقه لأن أعمال العنف في العراق «بدأت تأخذ منحى تصاعدياً»، محذراً من «حرب أهلية دامية لن يفوز فيها أحد».
كذلك، قتل 51 عراقياً وأُصيب 70 آخرون بجروح أول من أمس في سلسلة هجمات في سامراء والفلوجة والموصل وكركوك، حيث فرضت السلطات حظراً شاملاً عقب انفجار سبع سيارات مفخخة، في أقل من ساعتين، أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها.
وقتل أمس 80 عراقياً وأصيب العشرات بجروح في هجمات متفرقة في أحياء بغداد، بينما اغتال مسلحون قيادياً في التيار الصدري في مدينة البصرة.
وأعلن الاحتلال الأميركي مقتل اثنين من جنوده وإصابة ثالث في انفجار قنبلة في دوريتهم في بغداد.
كما أعلن المتحدث باسم الجيش الأميركي وليام كالدويل عن «تعديل في أسلوب وإجراءات نشر المروحيات» الأميركية، عقب إسقاط أربع طائرات خلال الأسبوعين الماضيين بفعل «نيران أرضية».
وأكد كالدويل مقتل 21 جندياً أميركياً في الحوادث الأربعة، مكرراً اتهامه لإيران بالتدخل في شؤون العراق، و«تزويد الميليشيات بالسلاح الحديث، وتدريب عناصرها».
ودعا كالدويل العراقيين إلى «التحلي بالصبر»، موضحاً أن «الخطة الأمنية الجديدة لن توفر الأمن بين ليلة وضحاها».
في المقابل، دعا المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني، في بيان، إلى «رص الصفوف ونبذ الفرقة، والابتعاد عن النعرات الطائفية، وتجنب إثارة الخلافات المذهبية التي مضى عليها قرون، ولا يبدو سبيل إلى حلها».
ونقلت وكالة أنباء «أصوات العراق» المستقلة عن السيستاني انتقاده بعض وسائل الإعلام «التي تنشر فتاوى غريبة تسيء إلى بعض الفرق والمذاهب الإسلامية، وتنسبها إلى سماحة السيد السيستاني، في محاولة للإساءة إلى موقع المرجعية الدينية، بغرض زيادة الاحتقان الطائفي، وصولاً إلى أهداف معينة».
في هذا الوقت، طالب النائب عن كتلة التيار الصدري بهاء الأعرجي بإقالة قائد شرطة مدينة السماوة، جنوبي بغداد، لقيامه بـ«قتل واعتقال» عدد من أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، محذراً من اندلاع «ثورة عارمة» في جنوب العراق ووسطه، في حال عدم اتخاذ هذه الخطوة.
وقال الأعرجي إن «قائد الشرطة في مدينة السماوة كان في زمن (الرئيس السابق) صدام (حسين) ضابط أمن بارزاً، وأسهم في قتل عدد من العراقيين، واعتقال عدد آخر، وهو مشمول بإجراءات اجتثاث البعث».
إلى ذلك، رفع رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني جلسة عقدها المجلس أمس، إثر انسحاب أعضاء كتلة الائتلاف العراقي الموحد احتجاجاً على قراءة برقية، باسم عدد من عشائر الفرات الأوسط، تستنكر أحداث النجف الأسبوع الماضي، وتطالب بإجراء تحقيق بشأنها.
ورأى عدد من أعضاء الائتلاف أن برقية العشائر هي «تأليب على الحكومة» العراقية. كما شهدت الجلسة جدلاً بين المشهداني ونائب في الائتلاف طالب بطرد «كل العرب» من العراق، على خلفية الهجمات الانتحارية، بينما ردّ المشهداني على ذلك بالمطالبة بطرد «غير العرب أيضاً»، في إشارة ضمنية إلى الإيرانيين.
(الأخبار، أ ف ب، د ب أ،
رويترز، يو بي آي)