محمد بدير
ناقش «معهد أبحاث الأمن القومي» الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب (مركز جافي سابقاً)، البرنامج النووي الإيراني والسيناريوهات الممكن أن تسلكها إيران بخصوص سياساتها النووية، في بحث جديد يصدر قريباً عن المعهد.
ونشرت صحيفة «هآرتس» أمس مقتطفات من البحث، الذي أعدّه نائب مدير المعهد والمدير السابق لوحدة الأبحاث ووحدة التنصّت في شعبة الاستخبارات العسكرية العقيد أفرايم كام، وباحثون آخرون من المعهد، جاء فيه أن إيران ستتعامل بشكل منطقي مع السلاح النووي لدى حصولها عليه، وأن فرص انتقاله إلى أيدي المنظمات الإرهابية ضئيلة.
وأشار معدّو البحث إلى وجود ثلاثة سيناريوهات ممكنة نظرياً أمام إيران، في ما يتعلق بالسلاح النووي، وستضطر إلى اتخاذ أحدها. وجاءت كالآتي:
ــ السير على حافة الحد النووي: أي أن تقرر طهران عدم إنتاج السلاح النووي العملياتي في الوقت الحالي، لكنها تطور قدرتها على إنتاجه في وقت قصير، عندما تستدعي الضرورة ذلك.
ــ ضبابية نووية: أي أن تنتج إيران سلاحاً نووياً، لكنها تعمد إلى عدم الإعلان عنه، ومن دون أن تجري أية تجارب عليه. والهدف منع قيام ضغوط إضافية عليها من جانب المجتمع الدولي.
ــ الإعلان عن امتلاك السلاح النووي: أي تعلن إيران أنها طورت سلاحاً نووياً وتقوم بإجراء تجربة عليه.
ويميل معهد أبحاث الأمن القومي إلى الخيار الثاني، أي إنتاج السلاح النووي واعتماد سياسة نووية ضبابية، ويشدد على أن هذا الاحتمال هو «أكثر معقولية، في المرحلة الأولى على الأقل».
ويرى البحث أن إعلان إيران امتلاكها سلاحاً نووياً قد يجلب لطهران مشاكل كثيرة، «لكن النزعة (المتطرفة) الموجودة لدى الرئيس الإيراني (محمود) أحمدي نجاد، لمواجهة المجتمع الدولي، قد تؤدي إلى تحقيق هذا» السيناريو.
إضافة إلى السيناريوهات النظرية، يؤكد البحث على فرضية أن «تعمل إيران بشكل منطقي، وليس فقط من منطلقات إيديولوجية دينية»، ذلك أن «رغبة إيران بالحصول على السلاح النووي نابعة من الاعتبارات الدفاعية الردعية، سواء ضد العراق سابقاً أو ضد الولايات المتحدة حالياً». ويضيف الباحثون اعتباراً استراتيجياً آخر، وهو الرغبة في «الهيمنة الإقليمية وتعزيز النظام» الإيراني.
وحول إمكان أن تعمد إيران إلى توجيه ضربة نووية ضد إسرائيل، يرى الباحثون أن «الفرضية المعقولة هي اعتماد إيران سياسة المحافظة على السلاح (النووي) كورقة أخيرة ضد مخاطر قصوى». وأكدوا أن ضرب إسرائيل «لا يعتبر مصلحة ضرورية كي تستخدم (إيران) السلاح (النووي) لتحقيقها».
ويخصص البحث حيزاً إضافياً لإمكان نقل السلاح النووي إلى أيدي ما يسميه «المنظمات الإرهابية»، فيرى أن المعقولية منخفضة جداً، فـ«إيران لن تنقل السلاح النووي إلى المنظمات الإرهابية»، رادّاً ذلك إلى أسباب ترتبط بالمصالح العليا لإيران.
وفي ما يتعلق بفرص شن عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، رأى الباحثون أن «الخطوة (العسكرية) إشكالية ومرتبطة بمخاطر غير قليلة، بل إن أصل نجاح العملية العسكرية غير مضمون». ويضيفون انه «لا توجد ظروف مناسبة في المرحلة (الحالية) ما دامت المساعي الدبلوماسية متواصلة قبالة إيران». لكنهم يوصون بمواصلة الاستعدادات لهجوم عسكري محتمل «من أجل الضغط على طهران».
ويشدد البحث على مدلولات وجود سلاح نووي في حوزة إيران، التي يرى أنها «خطيرة جداً على إسرائيل، إذ للمرة الأولى يكون لدى دولة عدوة القدرة على توجيه ضربة إلى إسرائيل». ويضيف ان «هذا ما ينادي به النظام الإيراني بشكل علني، أي تدمير إسرائيل، ويعني ذلك تهديداً وجودياً» على أصل وجود الدولة العبرية.
أما من حيث التوصيات، فيتوجه البحث إلى الحكومة الإسرائيلية كي تعمل على مجموعة من النقاط، اختزلتها صحيفة «هآرتس» كالآتي:
أولاً: تعزيز الردع لدى إسرائيل، كي يدرك النظام الإيراني أن أي هجوم على الدولة العبرية سيكون فاشلاً، وأن إسرائيل سترد من خلال ضربة ثانية.
ثانياً: على القادة الإيرانيين أن يدركوا أن أي هجوم نووي على إسرائيل، سيجر رداً شديداً من قبل الولايات المتحدة، بما يشمل ضربة نووية لإيران.
ثالثاً: على إسرائيل أن توضح خطوطها الحمراء، أو إيجاد قنوات اتصال مع إيران في ما يتعلق بالموضوع النووي، يوضح من خلاله كل طرف قدراته للطرف الآخر.
رابعاً: التفكير بتغيير سياسة الضبابية النووية المعتمدة في إسرائيل، إذ من الممكن أن تنوجد ظروف، بينها خطوات تقوم بها إيران نفسها، تبرر التخلي عن هذه السياسات.