حسام كنفاني
هل يثمر الحوار الفلسطيني في مكة اتفاقاً شاملاً على الحكم، على غرار اتفاق الطائف اللبناني؟
الأجواء السابقة لهذا الحوار تنبئ بذلك، ولا سيما لجهة الإصرار السعودي على بقاء متحاوري «فتح» و«حماس» في المملكة إلى حين التوصل إلى اتفاق ينهي حالة الاقتتال الداخلي بين الفصيلين الكبيرين.
التصريحات المتفائلة من قادة الحركتين لا تعني بالضرورة أن عبور النقاط الخلافية سيكون سهلاً، ولا سيما أن الأمر ليس قراراً فلسطينياً فحسب، فهو مرتبط أيضاً بقرارات دولية، ومشروع أميركي لحركة «حماس» باعتبارها أحد روافد النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما وضعه الرئيس الأميركي جورج بوش هدفاً لحملته الجديدة في الشرق الأوسط.
الحلول الوسطية والتحايل على الشروط الدولية قد يكون سهلاً «إذا صفت النيات»، كما قال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية قبل توجهه إلى السعودية. والأمر يحتاج إلى «تنازلات» متبادلة من الطرفين تمهّد الطريق للاتفاق. وإذا كان الاعتراف بإسرائيل عقدة المباحثات، فمن الممكن، إذا أراد الفلسطينيون فعلاً الاتفاق، التوصل إلى حل مقبول من المجتمع الدولي، تعترف بموجبه الحكومة الفلسطينية بميثاق منظمة التحرير ومبادرة السلام العربية، ما يعني بشكل غير مباشر الاعتراف بوجود دولة إسرائيلية، وهو ما يلبي الشروط الدولية، من دون أن تضطر «حماس» إلى تغيير ايديولوجيتها القائمة على المقاومة وعدم الاعتراف، طالما أن الحكومة ستكون مشتركة، ولا تلزم طرفاً بعينه.
وموقف «حماس» كان في الأساس مرناً في ما يتعلق بتنسيق وزراء من الحكومة مع مسؤولين إسرائيليين لتسهيل الحياة الفلسطينية، وبالتالي ففكرة العلاقة المرحلية مع إسرائيل غير مرفوضة كلياً من «حماس»، ومن المفترض ألا يمثّل الاعترف المؤقت بإسرائيل عقدة، ما دام الشرط الدولي يطلب اعترافاً حكومياً لا فصائلياً بسلطات الاحتلال.
المرونة «الحمساوية» في هذا المجال يجب أن تقابل بموقف «فتحاوي» مماثل في ما يتعلق بإصلاح منظمة التحرير وإدخال أطراف إضافية أساسية إليها وإعادة تأليف مجلس وطني جديد يعكس فرز القوة السياسية الجديد على الأرض، الذي لا يمكن أن يتجاهل على الأقل حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». العقدة قد تكون في الهواجس «الفتحاوية» من سيطرة «حماس» على منظمة التحرير، وبالتالي خروج القضية الفلسطينية برمتها من يد «فتح» القابضة عليها منذ عام 1964، وبالتالي فالأمر بحاجة إلى اتفاق توزيع سلطات يضمن لـ«فتح» قوتها في المنظمة، ويؤمّن لـ«حماس» المشاركة المناسبة. الأمر قد لا يكون سهلاً، لكن انفتاح الحركتين على الصيغ التوفيقية، من دون أي اعتبارات خارجية، قد يضمن الخروج من مكة باتفاق شامل، يكون أساساً لحكم جديد.