strong>خرج الدخان الأبيض أخيراً من مكة، حيث اتفق الفلسطينيون على تأليف حكومة الوحدة الوطنية، تاركين ملف منظمة التحرير إلى اللجان لتسريع إصلاحها، ما مثّل بشرى فلسطينية طال انتظارهااتفقت حركتا “فتح” و“حماس” الفلسطينيتان أمس على تأليف حكومة وحدة وطنية ووضع نهاية للاقتتال بينهما، عبر صيغة توفيقية لا تجبر “حماس” على الاعتراف بإسرائيل والاتفاقات السابقة الموقّعة مع دولة الاحتلال، وذلك بعدما جرى تخطي عقبات توزيع الحقائب، ولا سيما المالية والداخلية والخارجية.
ووقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل إعلان مكة لإنهاء النزاع بينهما وتحديد أسس تأليف حكومة الوحدة الوطنية.
وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد يومين من المحادثات المكثفة بين وفدي الحركتين، سيحتفظ إسماعيل هنية بمنصب رئيس الوزراء. وتعهدت الحركتان أيضاً إنهاء صراعهما الداخلي.
وتلا مستشار الرئيس الفلسطيني، نبيل عمرو، خطاب التكليف الذي وجهه عباس إلى هنية. وتضمن دعوة الى «احترام الشرعية الدولية والاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير».
كما تلا عمرو الاتفاق الذي أكد «تحريم الدم الفلسطيني واتخاذ كل الإجراءات والترتيبات التي تحول دون إراقة الدماء وتأكيد الوحدة الوطنية للتصدي للاحتلال وتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني واعتماد لغة الحوار».
كما اتفق الطرفان على « المضي قدماً في إجراءات تطوير منظمة التحرير الفلسطينية .. وتأكيد مبدأ الشراكة السياسية على أساس القوانين المعمول بها والالتزام به نصاً وروحاً».
من جهته، قال الرئيس الفلسطيني، في كلمة ألقاها، «سنبدأ عهداً جديداً بحكومة جديدة قادرة على إنهاء معاناة شعبنا». وأضاف «نرجو أن تتوقف كل الأعمال التي نخجل منها .. وأن ننطلق الى العمل الجاد من أجل تحرير بلدنا».
أما خالد مشعل فقال من جهته «سنرفع الغطاء عن كل من يطلق النار من هذه اللحظة»، داعياً الفلسطينيين الى ضرورة عدم العودة الى الاقتتال الداخلي.
بدوره أكد اسماعيل هنية قبوله تكليف الرئيس الفلسطيني برئاسة الحكومة وتوجه الى عباس «بالشكر على تكليفه إياي تأليف أول حكومة وحدة وطنية بالمعنى السياسي .. هذا شرف كبير لي ولإخواني .. لكن هذه مسؤولية كبيرة». وأضاف «أقول للأخ أبو مازن سنكون بإذن الله عند قدر المسؤولية، سنحمي العهد وسنحمي العرض والقدس والمقدسات سنحمي الوحدة الوطنية، سنصون الدماء الفلسطينية الزكية، سنصوب السلاح بعيداً عن الصدر الفلسطيني».
ودعا هنية إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم كما دعا إسرائيل إلى الإفراج عن الفلسطينيين المعتقلين في سجونها.
وشدد الملك عبد الله على أن قادة “حماس” و”فتح” توصلوا إلى اتفاق مكة بإرادتهم الحرة الوطنية، مؤكدا أن توقيع هذه الوثيقة «سيغيظ الأعداء». وقال الملك عبد الله إن «إخواني قادة فلسطين ارتفعوا إلى مستوى المسؤولية وأكدوا أنهم جديرون بالثقة”.
إلى ذلك، قال مسؤولون أمس إن الفرقاء الفلسطينيين اتفقوا خلال محادثات الأزمة التي تجري في السعودية على منح مناصب رئيسية في الحكومة لمستقلين ليتجاوزا بذلك عقبة أمام تأليف حكومة وحدة.
وأكدت مصادر مطلعة قريبة من الحوار الفلسطيني في مكة المكرمة أن وفدي حركتي “فتح” و“حماس” اتفقا على تأليف حكومة الوحدة الوطنية بتفاصيلها كافة.
وقالت المصادر إن رئاسة الوزراء بقيت لرئيس الحكومة الحالية إسماعيل هنية ونائبه ترشحه حركة “فتح” من بين وزرائها، ووزير الداخلية سمته حركة “حماس” (شخصية مستقلة) وهو اللواء حمودة جروان ووافقت عليه حركة “فتح”، فيما حسمت وزارة المالية للدكتور سلام فياض ووزارة الخارجية للدكتور زياد أبو عمرو.
ويعد وزير الداخلية الجديد أحد الشخصيات المستقلة المقربة من “حماس”، وهو من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وأوضحت المصادر نفسها أن حركة “حماس” ستحظى بتسع وزارات هي التربية والتعليم، والأوقاف والشؤون الدينية، والحكم المحلي، والرياضة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والعمل، والعدل، ووزارة الاقتصاد الوطني، وسترشح وزيراً مستقلاً لوزارة التخطيط، ووزير دولة مستقلاً.
وأضافت المصادر أن “فتح” ستحظى بست وزارات هي الصحة، والشؤون الاجتماعية، والإسكان والأشغال العامة، والأسرى، والنقل والمواصلات، والزراعة، وسترشح كذلك وزير دولة مستقلاً.
وأشارت المصادر إلى أن وزارات الإعلام، والمرأة، والثقافة، والسياحة ستوزّع على الكتل الباقية وهي “الجبهة الشعبية”، و“البديل”، و“فلسطين المستقلة”، والوزارة التي تبقى تأخذها “حماس”.
وأوضحت المصادر أنه تم التوافق على كتاب التكليف باستبدال كلمة التزام بكلمة احترام الاتفاقيات الموقعة، وتم ترحيل كلمة التزام إلى “ما يحفظ المصالح العليا للشعب الفلسطيني”.
وكان المتحدث باسم “حماس”، غازي حمد، قد أعلن أن الحركة لن تعترف بإسرائيل. وقال إن قضية الاعتراف بإسرائيل ليست قضية الحركة، مطالباً المجتمع الدولي بضرورة الضغط على الدولة العبرية لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني الذي راح ضحيته آلاف الشهداء.
وقال حمد إن “الاعتراف بإسرائيل قضية خطيرة وإنها ليست عصا موسى أن تحل المشكلات”. وأضاف “إن منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بإسرائيل ومع ذلك جرت عمليات عدوان وقتل واعتقالات لآلاف الفلسطينيين”.
وتابع حمد “نحن نضع كل تصور ضمن الحسابات الوطنية الفلسطينية. لا بد أن يخدم الشعب الفلسطيني، ولا يتعارض، إننا معنيون برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، ليس ذلك بأي ثمن”.
وتابع حمد “لا يستطيع المجتمع الدولي أن يفرض كل شروطه على الفلسطينيين، نقيم توازناً بين ثوابتنا والانفتاح على المجتمع الدولي، على الدول التي لديها الرغبة في العمل مع الفلسطينيين أن تعمل”.
ورداً على سؤال عما سيحصل إذا رفضت إسرائيل التعامل معهم رغم الاتفاق، قال حمد “نضع كل ذلك في الحسبان، إسرائيل ليست على استعداد للتعامل مع أي طرف لا يقوم بتنفيذ شروطها، إننا نريد دولة فلسطينية على حدود عام 67 وعلى المجتمع الدولي ألا يمارس ضغطاً على الحكومة الفلسطينية، لا بد أن يمارس الضغط على إسرائيل، استراتيجيتنا أن نؤلّف هذه الحكومة، ليس هناك تشدد في توزيع الوزارات”.
وقال اتفقنا في “حماس” و“فتح” على “كيفية تأسيس شراكة طويلة والمحافظة على الوحدة الوطنية. انطلقنا من الحوارات السابقة لا من نقطة الصفر. هناك حوارات في غزة ودمشق. وثيقة الوفاق الوطني هي التي شكلت لنا المرجعية الأساسية”.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، د ب أ)