علي حيدر
سيطر اتفاق مكة بين حركتي “فتح” و“حماس” على الأجواء السياسية في إسرائيل، حيث فاجأ مضمونه القيادات السياسية ما دفعها الى التريث في إعلان موقف حاسم بانتظار تبلور الموقف الأميركي النهائي.
ودعت إسرائيل الدول الأوروبية الى عدم التسرّع في اتخاذ موقف مؤيد للاتفاق، وأجرى مسؤولوها اتصالات لتفادي انهيار التمسّك بشروط الرباعية.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلي ايهود اولمرت إن “إسرائيل لا ترفض الاتفاق ولا تقبل به، وهي في هذه المرحلة تقوم بدراسته، على غرار الأسرة الدولية”. وأضاف إنه بعد الانتهاء من دراسة تفاصيل الاتفاق ستعطي إسرائيل رأيها.
وحذّر أولمرت من أن إسرائيل يمكن أن تقطع أي اتصال بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، اذا لم توافق الحكومة المقبلة على شروط اللجنة الرباعية. ورأى أن على “المجتمع الدولي أيضاً دراسة ما اتفق عليه، وماذا قيل وما هو الأساس الذي يعتمد عليه الاتفاق، إذا كان قائماً في الأصل”.
وكشف أولمرت أنه أجرى ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني اتصالات عاجلة بالدول المعنية لبلورة موقف موحد من الحكومة الفلسطينية الجديدة، وشكك في إمكان تنفيذ الاتفاق على ارض الواقع.
الى ذلك، دعت ليفني، التي شاركت في مؤتمر الأمن الدولي في مدينة ميونيخ، الأوروبيين إلى عدم الإسراع في قبول الاتفاق كونه لا يستجيب لمطالب اللجنة الرباعية الدولية، وطالبتهم بـ “بالتزام الحذر إزاء حكومة الوحدة الفلسطينية”.
وزايدت ليفني، خلال كلمتها، على “حماس” في إبداء حرصها على المصالح الوطنية الفلسطينية، ووصفتها بأنها “لا تزال متمسكة بالإرهاب”. وقالت إنها “لا تحترم المصالح والطموحات الفلسطينية”.
ووصف رئيس لجنة الخارجية والأمن، تساحي هنغبي، الاتفاق بأنه “يمثّل استسلاماً لمحمود عباس”. وقال إن الحكومة الاسرائيلية يجب ألّا تبدو في نظر العالم الجهة التي ترفض التفاوض.
وفي هذا السياق، اعترفت أوساط سياسية إسرائيلية بأن الاتفاق لم يكن “كما كنا نتوقع”، موضحة أن “اللجنة الرباعية أعلنت بشكل لا يقبل اللبس أنه يتعين على كل حكومة فلسطينية تبني شروط الرباعية الثلاثة. ورغم أن الخطوط الأساسية للحكومة (الوطنية الفلسطينية) لم تتبلور بعد، إلا أنه يبدو من خطاب التكليف الذي قدمه محمود عباس أنه لا يتم احترام تلك النقاط”.
وأشارت مصادر أخرى إلى أن تأليف حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية سيثير مشاكل كونه في السابق “كان هناك تمييز واضح بين عباس وحكومة حماس وكان من المريح لنا الحديث والتقدم مع جهة واحدة. وبعد دخول فتح الى الحكومة، سيشوش هذا التمييز”.
وعرض رئيس “امان”، عاموس يدلين، ونائب رئيس “الشاباك”، تقديراتهما في شأن اتفاق مكة خلال جلسة الحكومة، حيث أشار يدلين الى أن إسرائيل لم تُذكَر مطلقاً في الاتفاق ولا يوجد شجب للعنف والإرهاب كما أنّه لا تطابق مع شروط الرباعية. ورأى أن “حماس” الرابح الأساسي من هذا الاتفاق كونها لم تتنازل عن قوتها وحصلت على الشرعية، كما لم تتنازل عن ايديولوجيتها، وخصوصاً أن اسماعيل هنية بقي رئيساً للحكومة على خلاف موقف “فتح” الأساسي الذي طالب بأن يكون الرئيس مستقلاً.
والتقى تقدير “الشاباك” مع تقدير “امان” بخصوص الرابح من الاتفاق. وقال نائب رئيس “الشاباك” إن “الاتفاق يميل جوهرياً لمصلحة موقف حماس”، مشيراً الى أن الحقائب الاجتماعية ستبقى بيد “حماس” وأن خالد مشعل كرّس موقفه كقائد سياسي ربما أكثر قوة من أبو مازن.