انتقل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس إلى قطر في إطار جولته الشرق أوسطية، التي بات واضحاً أنها تهدف إلى تعزيز الدور الروسي في المنطقة، ولا سيما بعد عرضه التعاون الذري مع دول الخليج، ودراسة إنشاء منظمة لمصدّري الغاز على غرار منظمة “أوبك”.وبحث الرئيس الروسي وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إمكان إنشاء منظمة لمصدّري الغاز. وقال بوتين، خلال مؤتمر صحافي في قطر: “لا نعارض فكرة انشاء مثل هذا التجمع، لكن هذه المبادرة تحتاج إلى مزيد من الدراسة”. وأضاف أن روسيا تعتزم إرسال فريق من الخبراء إلى مؤتمر حول الغاز يعقد في الدوحة في نيسان المقبل، ولمناقشة تأسيس هذه المنظمة.
وأعلن الرئيس الروسي أنه ينوي استضافة مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، إلا أنه لم يقدّم مزيداً من التفاصيل.
أما أمير قطر فقد أعلن من جهته أنه يدعم إنشاء تجمع لمصدري الغاز، إلا أنه “غير واثق مما إذا كان هذا التجمع قادراً على مراقبة عقود الغاز، التي تكون عادة طويلة الأجل”. وقال الشيخ حمد إن “شركة قطر للبترول وقعت تفاهماً مع شركة لوك أويل الروسية”، من دون أن يقدّم مزيداً من الإيضاحات. وأضاف أن قطر وروسيا ناقشتا أيضاً التعاون في الطاقة والتكنولوجيا والعلوم.
وفي الرياض، أعلن الرئيس الروسي أنه وجد أرضية مشتركة بين موسكو والرياض. وقال، بعد لقائه رجال أعمال سعوديين، إن “روسيا والسعودية تتصدران الدول المنتجة والمصدّرة للطاقة، ومن هنا يمكن إيجاد أرضية مشتركة لنا”.
وكشف بوتين أن شركة “لوك أويل” مستعدة للاستثمار بقيمة ملياري دولار لتطوير حقول الغاز السعودية، مشدداً على أن “روسيا عازمة على تطوير التعاون مع العالم الاسلامي”.
وأضاف بوتين، لرجال الاعمال، ان “روسيا دولة متعددة القوميات والأديان، يعيش فيها المسلمون والمسيحيون بسلام معاً، ولديها خبرة طويلة في مجال تعزيز التعاون السلمي بين مختلف القوميات والاديان”. وقال إن “روسيا عازمة على تطبيق وممارسة هذا النهج في كل المناطق، بما في ذلك في الشرق الاوسط والخليج العربي”.
وأدرج بوتين مسألة “تطوير الطاقة الذرية” بين المجالات الممكنة التي يمكن أن تشهد تعاوناً بين موسكو والرياض. وقال إنه “يرى إمكاناً للتعاون مع المملكة في مجال الطاقة الذرية بعدما اتفقت دول الخليج العربية الست في كانون الأول على إطلاق برنامج سلمي للطاقة النووية”. وأضاف أن روسيا تأمل مع ذلك في أن يسود السلام والاستقرار المنطقة.
وكان الملك السعودي عبد الله قد قال لدى استقباله بوتين أول من أمس “أرى في الرئيس فلاديمير بوتين رجل دولة ورجل سلام ورجل عدل وحق، ولهذا المملكة العربية السعودية تمد يدها لمصادقة روسيا مصادقة اساسية والايام امامنا ونتأمل الخير والوفاء من الاصدقاء، ونحن كذلك إن شاء الله”.
وشدد الملك عبد الله على ضرورة تعاون كبار منتجي النفط في العالم من اجل تأمين استقرار اسواق النفط بعد ارتفاع كبير في اسعار الخام العام الماضي، ومن ثم تراجعها اخيراً.
وقال الرئيس الروسي امام الملك السعودي إنه “لم تعد هناك اي خلافات فكرية” بين بلاده والعالمين العربي والاسلامي، شاكراً للسعودية دورها في إحداث “تغيير جذري” في العلاقات بين البلدين.
وعقد بوتين أمس اجتماعا ثنائياً مغلقاً مع ولي العهد ووزير الدفاع الامير سلطان بن عبد العزيز.
وقال مسؤولون روس وسعوديون إنه من المقرر أن تطلق روسيا ستة اقمار اصطناعية للمعلومات من صنع السعودية العام الجاري.
وقال مسؤول رفيع المستوى من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا في الرياض، إن الأقمار الاصطناعية ستطلق في النصف الأول من العام الجاري. وأضاف أن خمسة منها ستخصص للاتصالات ونقل المعلومات، وأن السادس سيخصص للاستشعار عن بعد.
وسيكون إطلاق الأقمار من قاعدة في قازاخستان.
في هذه الأثناء، لا تزال تصريحات الرئيس الروسي في ميونيخ تثير ردود فعل أميركية وأوروبية. ورفض البيت الابيض أمس اتهام بوتين للولايات المتحدة بأنها قوة متهورة تتصرف أحادياً. وقال المتحدث باسمه طوني سنو “نحن بكل تأكيد نخالف (بوتين) في قوله إن الولايات المتحدة تتصرف بشكل احادي”. وأضاف “لقد التزمت هذه الادارة في الحقيقة وبقوة، التعددية واستخدام الدبلوماسية”.
ورداً على سؤال عما اذا كانت تصريحات بوتين تعد إشارة إلى فتور في العلاقات الروسية ــ الاميركية، قال سنو إن “الولايات المتحدة تعتبر روسيا حليفاً مهماً”. وأضاف “ان الرئيس (جورج بوش) يجري محادثات منتظمة ومتكررة وصريحة مع الرئيس بوتين. فهما يفهمان بعضهما بعضاً، وسيواصلان العمل معاً”.
وفي برلين، قال المتحدث باسم الحكومة الالمانية أولريش فيلهيلم، إن خطاب بوتين لا يمثّل “ارتداداً لحقبة الحرب الباردة”. وأوضح أن بوتين كان يتحدث بأسلوبه المميز في محفل ذي “سياق مناسب وراسخ” يسمح بمثل هذا النمط من الحديث الصريح.
إلى ذلك، طلبت وزارة الخارجية الروسية أمس من الولايات المتحدة توضيحاً لما أعلنه وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس عن قلق بلاده من “تطوّر الأمور في روسيا وكوريا الشمالية وإيران”.
(أ ب، أ ف ب، د ب أ)