سجلت الجولة الأخيرة من المحادثات السداسيّة في شأن البرنامج النووي الكوري الشمالي، أمس اختراقاً نوعيّاً؛ فعناد بيونغ يانغ، الذي تمثّل بارتفاع سقف مطالبها بخصوص الطاقة، وسعي واشنطن الحثيث إلى بلوغ صيغة تفاهميّة بعد جهود ماراتونيّة، استقرّا عند توازن مرضٍ للجميع.وتكلّلت المفاوضات الجارية في بكّين، في يومها الأخير أمس، بصدور بيان مشترك، وافقت من خلاله الدولة الشيوعية على وقف برنامجها النووي وإغلاق مفاعل “يونغبيون” ومنشآت التخصيب، إضافة إلى دعوة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى القيام بجميع عمليات المراقبة خلال 60 يوماً، في مقابل تزويد بيونغ يانغ بمساعدة فورية من الوقود الثقيل الذي تحتاج إليه للطاقة.
وفي المقابل، ستتسلّم بيونغ يانغ 50 ألف طن من النفط خلال شهرين، على أنّ تحصل على الكمّية الباقية، وقدرها 950 ألف طن، فور تفكيك مفاعل «يونغبيون»، الذي يعتبره الخبراء حجر الأساس في هيكليّة الترسانة النوويّة الكوريّة.
واستناداً إلى البيان، فإنّ الدول الست (الكوريّتان واليابان والولايات المتحدة والصين وروسيا) وافقت على تأسيس خمس لجان عمل، تشرع في دراسة مسألة نزع السلاح النووي، وإعادة العلاقات الدبلوماسيّة لشبه الجزيرة الكوريّة إلى سكّة إيجابيّة، إضافةً إلى مسائل التعاون الاقتصادي ودراسة آلية للسلام في شمال شرق آسيا.
وأضاف البيان، الذي حدّد بدء التحرّكات العمليّة خلال 30 يوماً، إنه بعد تطبيق الخطوات المبدئية، فإن الدول الست ستعقد اجتماعاً على مستوى الوزراء، في 19 آذار المقبل، لتأكيد التطبيق والبحث في سبل الترويج ووسائله.
وفي هذا السياق، رأى المفاوض الأميركي كريستوفر هيل أنّه لا يزال هناك “الكثير من العمل”. وقال “إنّها فقط نهاية لبداية عمليّة، لدينا الكثير من العمل لإنجازه، ونحن راضون جداً لأنّ الاتفاق يمثّل خطوة أولى ثابتة”. ورغم أنّ الاتفاق لا يتضمّن تسوية ملفّ القيود المالية، المتعلّق بقيود مفروضة على السيولة الكوريّة الشماليّة في مصرف “بانكو دلتا آسيا” في ماكاو ، إلّا أنّ واشنطن وعدت بحل مرض للملفّ في غضون شهر.
وأشادت واشنطن بنتيجة المحادثات، حيث نقل بيان، تلاه المتحدّث باسم البيت الأبيض طوني سنو، عن الرئيس الأميركي جورج بوش قوله «أنا مسرور بالاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه اليوم».
أما موسكو فقد أبدت من جهتها ترحيبها بالاتفاق. وأوضحت وزارة الخارجية الروسيّة، في بيان لها، أنّ «النتائج ستعطي دفعة إضافية للمحادثات السداسية، وستُخلق الظروف المناسبة لتعزيز السلام والأمن في جنوب شرق آسيا».
وأصدر مندوبا واشنطن وبيونغ يانغ، هيل وكيم كي جوان، وثيقة مشتركة تفيد ببدء مفاوضات ثنائية تهدف إلى إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين. وجاء في الوثيقة أنّه “سيتمّ التباحث في المسائل العالقة، وصولاً إلى إقامة علاقات دبلوماسية شاملة”، إضافةً إلى بدء عملية رفع صفة “الدولة الراعية للإرهاب” عن كوريا الشمالية.
(يو بي آي، أ ف ب)