تصادم الأغراض الفلسطينية والإسرائيلية من اللقاء الثلاثي المقرر عقده في التاسع عشر من الشهر الحالي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، حسمته واشنطن أمس بالإعلان أن كل الأمور ستكون مطروحة خلاله، فيما أبدى أولمرت مرونة تجاه التعامل مع الحكومة الفلسطينية المرتقبة، مشيراً إلى أن إسرائيل “لن تتصدر الضغوط عليها”.ووصف أولمرت، خلال جلسة تحضيرية للقاء الثلاثي المرتقب شارك فيها وزير الدفاع عامير بيرتس ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني وقادة الأجهزة الأمنية، الاتفاق الفلسطيني بأنه “حدث استراتيجي لا تقل دلالاته وتداعياته عن فوز حماس في الانتخابات التشريعية”. وقال أولمرت: “لا يجب على إسرائيل أن تشن الحملة على الحكومة الفلسطينية الجديدة أو توقف الاتصالات مع محمود عباس”، مشيراً إلى أن الخيار الذي ينبغي انتهاجه هو أن “تدير إسرائيل حملة دبلوماسية كي تقنع المجتمع الدولي بالإصرار على مطالبة الفلسطينيين بالالتزام بشروط اللجنة الرباعية (الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والالتزام بالاتفاقيات الموقعة)”. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن دبلوماسيين أوروبيين اعتقادهم بأن “قناة الحوار المباشر بين أولمرت والمملكة السعودية تساهم هذه الأيام في بلورة الرد الإسرائيلي المتوازن وغير المتحمس”. وقالت الصحيفة إن “قرار إسرائيل بالتصرف بضبط للنفس تجاه الاتفاق الموقع في مكة، يرمي إلى تشجيع الدول العربية المعتدلة، وعلى رأسها السعودية، التي تحاول إبعاد الحكومة الفلسطينية عن النفوذ الإيراني وإقناعها بالاعتراف بإسرائيل واستئناف المسيرة السلمية معها”. ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن “احتمال الحديث خلال اللقاء الثلاثي عن أفق سياسي ليس كبيراً”، مرجحة أن يركّز اللقاء على طبيعة العلاقات المستقبلية مع إسرائيل في ظل حكومة الوحدة، بدل التباحث في قضايا سياسية مستقبلية.
إلى ذلك، قال المندوب الأميركي المؤقت لدى الأمم المتحدة اليخاندرو وولف إن جميع القضايا ستكون على طاولة النقاش عندما تجتمع رايس مع أولمرت وعباس، رداً على استبعاد أولمرت قضايا مستقبل القدس الشرقية واللاجئين الفلسطينيين وانسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل حرب عام 1967.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أول من أمس أنها تتوقع حدوث تطورات إيجابية في أعقاب ظهور مبادرتين دبلوماسيتين في الشرق الأوسط، وهما اتفاق مكة لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية واللقاء الثلاثي.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، ألفارو دي سوتو، في تقرير إلى مجلس الأمن، إن المبادرتين ستمنحان “دفعة لإحراز تطورات إيجابية تتعزز تبادلياً” للمساعدة على تسوية الصراعات هناك. وقال دي سوتو: “نحن نراقب التطورات بحرص لرؤية كيفية تنفيذ اتفاق مكة في الفترة المقبلة وما هي الأفعال التي قامت بها الأطراف للإبقاء على الدفعة الجديدة”.
من جهته، قال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة دان غيلرمان إن اتفاق مكة فشل في إدانة “العنف والإرهاب”، وإن “حماس” لم تعترف بإسرائيل رسمياً بعد. وتساءل: “كيف يمكن أن يكون هناك عملية سلام عندما يكون طرف تحت تهديد إرهاب وعنف دائم؟”، مضيفاً أن اتفاق مكة قد يكون “مظهراً كاذباً للوحدة” ما لم تشجب “حماس” العنف وتلبِّ مطالب السلام.
في المقابل، قال المندوب الفلسطيني لدى المنظمة الدولية، رياض منصور، إن اتفاق مكة وحّد الشعب الفلسطيني وقادته. وتابع أن السؤال الآن هو: “هل إسرائيل مستعدة للبدء بمفاوضات واقعية وحقيقية بحيث تنهي احتلالها وإلى الأبد الأراضي المحتلة منذ 1967؟”.
(الأخبار، أ ب، د ب أ، أ ف ب)