موسكو ــ حبيب فوعاني
لاقت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السعوديّة وقطر والأردن صدىً كبيراً في وسائل الإعلام في موسكو، حيث بدأ المجتمع يبدي ارتفاعاً في حدّة عدائه للغرب، بحسب آخر استطلاعات الرأي.
ورأت الأوساط الإعلامية والسياسية الروسية أن ّالزيارة مؤشر إلى عودة الدبّ الروسي إلى الشرق الأوسط، عبر بوّابة الخليج، من خلال أصدقاء واشنطن التقليديين، وبواسطة الاقتصاد.
وأطلقت صحيفة “فريميا نوفوستي” الروسيّة على الرئيس الروسي لقب “بوتين العرب”، على غرار الجاسوس الإنكليزي في أوائل القرن الماضي “لورنس العرب”. وأوضحت أنّ “الأولويّة الروسيّة في تطوير العلاقة مع العالم العربي تتجسّد أساساً بالتعاون الاقتصادي، لا بالسياسة أو الإيديولوجيا كما كان الأمر في العهد السوفياتي”.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه يبدو أنّ الرياض والدوحة وعمّان تبغي تنويع علاقاتها الدولية، بحيث لا يختصرها الظلّ الأميركي والدول الغربية، لذا فهي “تعد موسكو بعقود مربحة”.
من جهتها، ركّزت صحيفة “كوميرسانت” الروسيّة على مشروع قيام شركة “السكك الحديديّة الروسية” بمدّ 300 ـــ 350 كيلومتراً من شبكة السكك الحديدية، البالغ طولها 2600 كيلومتر، التي ستربط شمال السعوديّة بجنوبها.
وتبلغ قيمة المشاركة الروسية نحو مليار دولار، ولا تزال المفاوضات بهذا الشأن جارية بين الجانبين. واستبعد أحد أعضاء الوفد الروسي فوز الشركة بمناقصة البناء، لأنّها تتعرّض لمنافسة شديدة من شركة “بن لادن” السعودية. ويسري التعقيد أيضاً على صعيد شركة الغاز الروسية “غاز بروم” أيضاً.
وتابعت الصحيفة، أنّ شركة تصدير السلاح الروسية الفدرالية الموحدة “روس أوبورون إكسبورت” لم توقّع أيّ عقود بدورها، إلّا أنّها تأمل الحصول على مليار دولار، من خلال بيع 150 دبابة حديثة من طراز «تي إس ـــ 90» للرياض، إضافة إلى تصريف ناقلات عسكريّة مدرّعة.
ووفقاً لمصادر في الوفد الروسي، الذي رافق بوتين في الزيارة، فإنّ المفاوضات تطرّقت إلى منظومات الدفاع الجوّي الصاروخية “ أس أس - 200” و“أس أس - 400”، لتتكامل مع منظومات صواريخ “باتريوت” الأميركية القديمة، التي يستخدمها الجيش السعودي.
ولم تجر أيّ حسابات مالية بعد للصفقة، كما أشارت المصادر نفسها، “إلّا أنّ السعوديين جادّون”، حيث كلّف الملك السعودي عبد الله “رجل الصفقات السرية وغير العادية” الأمير بندر بن سلطان بمتابعة هذا الموضوع.
وتوّج بوتين الهامش الاقتصادي الروسي الطموح في العلاقة مع الرياض، عندما ذكر أمام الملتقى الاقتصادي السعودي ـــ الروسي أنّ شركة “لوك أويل” النفطية الروسية تنوي استثمار ملياري دولار في حقول نفط سعودية جديدة.
أمّا في إطار المباحثات في قطر، التي لا يتعدّى حجم التبادل التجاري بينها وبين روسيا مليون دولار، بحث بوتين موضوع إنشاء منظمة لمنتجي الغاز على غرار “أوبك”.
ويدور حديث أنّ كواليس الزيارة تكمن في تقديم موسكو امتنانها للموقف القطري حول حادثة تفجير سيارة الرئيس الشيشاني السابق سليم خان ياندرباييف ومقتله في 13 شباط 2004، في الدوحة، وقيام القضاء القطري باعتقال عميلي استخبارات روسيّين وإدانتهما، إلّا أنّ أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمر بتسليمهما إلى السلطات الروسية.
أما الزيارة إلى الأردن فتركزت على الاتفاق على إنشاء مصنعين لتجميع سيارات “اللادا” الروسية، ولتجميع طائرات الهليكوبتر الروسية الخفيفة المتعددة الأغراض “كا - 266”.
وذكر بوتين أمام الصحافيّين الروس، في عمّان، أنّ “شراكة جدية تقام في السنوات الأخيرة مع العالم العربي”.