موسكو ــ حبيب فوعاني
كما كان متوقعاً، لم يأت إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية التركمانيّة بأيّ مفاجآت، وأصبح القائم بأعمال الرئاسة قربان غولي بردي محمّدوف رئيساً جديداً للبلاد، وتمّ تنصيبه في عشق آباد (مدينة الحب) أوّل من أمس.
نتيجة دفعت المحلّلين، من خلال تشريح الراهن السياسي التركمانيّ، إلى التكهّن بحجم التغييرات التي يمكن أن تطرأ على السياسة الخارجية والداخلية، في بلاد حافظت على حيادها وعزلتها بفضل مواردها الطبيعية، وآثرت الانغلاق على نفسها لمدّة 21 عاماً من حكم الرئيس الراحل صَفـَرْ مراد نيازوف، الملقّب بـ «تركمان باشا» (أبو التركمان).
وفيما رأت صحيفة «فريميا نوفوستي» الروسيّة، أنّ محمّدوف، الذي نال 89.2 في المئة من الأصوات، هو «باشا ثانٍ» مع بقاء الغاز مورداً طبيعياً محدّداً للسياسة التركمانيّة المستقبليّة، وصفت صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الروسية الحكومية، وعلى الطريقة السوفياتية، مراسم التنصيب بأنها «عرس للديموقراطية».
أما صحيفة «كوميرسانت» الروسيّة، فوصفت مراسم التنصيب بأنها «بداية سباق دوليّ للحصول على الجائزة الكبرى، وهي الغاز»، والمتسابقون الأساسيّون هم: روسيا، والولايات المتحدة، والصين، وأوكرانيا، وإيران وتركيا.
ويعلم المتسابقون، الذين شاركوا في حفل التنصيب وبقي معظمهم لاستشفاف توجّهات القيادة الجديدة، أن ممثّلي «منظمّة الأمن والتعاون الأوروبي» وصفوا الانتخابات بـ«المهزلة»، وأنّ المعارضين التركمانيّين، الذين يعيشون في الخارج، توسّلوا الغرب الديموقراطي للضغط على ممثلي السلطة الجديدة في عشق آباد، كي يستطيعوا العودة إلى وطنهم والمشاركة في الانتخابات.
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أنّ هذه الانتخابات يمكن أن «تساعد على تهيئة الظروف لإجراء انتخابات حرّة، عادلة ومنفتحة وتنافسية بالفعل في المستقبل»، مضيفةً أنّ «إقامة الديموقراطية تتطلّب وقتاً»، فيما أبدت وزارة الخارجية الروسية ارتياحها «لأنّه، للمرة الأولى في تاريخ هذا البلد، جرت انتخابات على أساس تعددي».
وفي المقابل، قوّم رئيس مؤسسة «إمبيريا» الروسية للأبحاث فيليب ليونتيف، الوضع، بالإشارة إلى أنّ ديموقراطية الانتخابات التركمانيّة هي آخر ما يهمّ الغرب أو موسكو. والسبب هو أنّ تركيزهما يكمن في الاتجاه السياسي ــ الاقتصادي الذي ستختاره القيادة الجديدة، والذي سيتوقّف عليه إمكان الوصول إلى احتياطي الغاز الهائل والرخيص في هذا البلد، الثالث في العالم بعد روسيا والجزائر. وفي ضوء ذلك ستتحدّد المواقف من ديموقراطيّة «تركمان باشا» الجديد.