القاهرة ــ خالد محمود رمضان
خلال زيارتهما الأخيرة إلى واشنطن، فوجئ وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس جهاز المخابرات اللواء عمر سليمان بطلب غريب من الحاخام اليهودي الأميركي أندرو بيكر، مسؤول العلاقات الدولية في اللجنة اليهودية الأميركية، بتأليف لجنة دولية تساهم وتشرف على ترميم الآثار اليهودية في مصر، بما تتضمنه من معابد وممتلكات ومقابر في القاهرة والإسكندرية.
وتزامن طلب بيكر مع طلبات في السياق نفسه، كان آخرها إقامة مولد للنبي موسى فى قرية في محافظة الشرقية عثر فيها على آثار من عصر النبي موسىوكانت مصر قد رفضت في السابق محاولات يهودية أوروبية لترميم ما بقي من «وثائق الجنيساه»، و«لفائف التوراة» في سويسرا. وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية وغربية، لـ «الأخبار»، أن القاهرة رفضت أخيراً طلباً رسمياً من إسرائيل لمساعدتها على استعادة نحو مئة مخطوطة خاصة بالتوراة وسجلات المحاكم اليهودية، التي ادّعت أنه جرى الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني خلال نزوح مئات الآلاف من اليهود المصريين إليها بعد نكبة فلسطين عام 1948.
وقالت المصادر نفسها إن «نحو عشرين منظمة لليهود المصريين تتّخذ من واشنطن وعواصم غربية مقراً لها، تسعى إلى شن حملة ضغوط سياسية ودبلوماسية على الحكومة المصرية للاستجابة لها».
وبعث الحاخام اليهودي المتطرف عوفاديا يوسف رسالة إلى وزارة الخارجية المصرية دعاها فيها إلى «الإسراع في رد جزء هام من التراث اليهودي». لكن السفير المصري لدى الولايات المتحدة نبيل فهمي قال، في معرض رده على رسائل مماثلة من منظمات يهودية، إنه «لا يمكن استعادة هذه المخطوطات لأنها جزء من التاريخ المصري ومسجلة لدى وزارة الآثار المصرية».
ويتزامن هذا مع سعي اللوبي اليهودي في واشنطن إلى إقامة دعاوى قضائية ضد الحكومة المصرية لمطالبتها بدفع نحو خمسة مليارات دولار أميركي كتعويضات عن الممتلكات التي خلفها اليهود وراءهم لدى مغادرة مصر.
لكن يهود مصر أبقوا أنفسهم على مسافة بعيدة من هذا الجدل، حيث نفت رئيسة الطائفة اليهودية كارمن وينشتاين، البالغة من العمر سبعين عاماً وتدير مكتبة متواضعة في القاهرة، أن تكون هناك قضايا رفعها أحد اليهود في مصر يطالب فيها بتعويض عن أملاكه.
وبعدما أكدت وينشتاين أنه «لم يتصل أحد بالطائفة في ما يتعلق بالتعويضات عن أملاك اليهود في مصر»، قالت «إن من لديه حقوقاً ويملك مستندات عن عقارات فليتقدم إلى القضاء المصري». ورأت أنه «من غير المعقول أن ترفع قضايا في أميركا مثلاً عن أراض أو ممتلكات تقع في أراض مصرية». وأضافت «نحن طائفة مصرية لا إسرائيلية، واليهودية دين، والإسرائيلية جنسية وليس لنا أي علاقة بإسرائيل إلا من الناحية الدينية».
واتهمت وينشتاين منظمات يهودية أميركية بمحاولة تهريب الأسفار اليهودية إلى أميركا، مشيرة إلى أن «جماعة في نيويورك حاولت نقل الأسفار اليهودية الموجودة في معابد مصر وكذلك بعض المقتنيات بحجة أنها كانت ملكاً لأجدادهم».
وكان عدد من أهالي قرية قنتير في محافظة الشرقية، قد أحبطوا محاولة إسرائيلية لإقامة مولد سنوي للنبي موسي في القرية، على غرار مولد أبو حصيرة، الذي كان يقام سنوياً في قرية دمتوة في محافظة البحيرة قبل وقفه رسمياً.
وزاد اليهود من معدل زياراتهم إلى القرية، لمشاهدة آثار رمسيس الثاني وبحر فرعون، الذي ألقي فيه النبي موسى، ويستخدمه أهالي القرية حالياً في الصرف الزراعي. وقال رئيس قطاع آثار الوجه البحري محمد عبد المقصود إنه «لن يسمح لليهود مطلقاً بإقامة مولد في قرية قنتير».