strong>علي حيدر
حدّدت كل من إسرائيل والولايات المتحدة السقف السياسي للقاء الثلاثي اليوم بين رئيس الوزراء إيهود اولمرت ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس والرئيس الفلسطيني محمود عباس، عبر إعلان مواقف حاسمة بأنه لن يكون هناك تعاون أو اعتراف بها في حال عدم التزامها شروط الرباعية الدولية، وهو ما عزز الانطباعات عن خفض التوقعات عما قد يصدر من هذا الاجتماع.
وجدّدت رايس، بعد لقائها أولمرت في تل أبيب أمس، الموقف الأميركي من الحكومة الفلسطينية المرتقبة. وقالت إنها «لا ترى أي معطيات عن أن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الجديدة ستلبي الشروط التي وضعها الغرب». إلا أنها أضافت أن واشنطن ستنتظر لترى تشكيلة الحكومة الجديدة وبرنامجها.
وقالت رايس إنه «لا يمكن أن تضع حماس رجلاً في الديموقراطية، والرجل الأخرى في الإرهاب». ورأت أن عدم اعتراف الحكومة بإسرائيل «سيقوّض الخطة الأميركية لمنح عباس 86 مليون دولار».
ووجّه رئيس الحكومة إيهود اولمرت، عشية انعقاد اللقاء الثلاثي في القدس المحتلة، تهديداً إلى الفلسطينيين بأنه لن يتم التعامل مع الحكومة الفلسطينية إذا «لم توافق على شروط الرباعية الدولية». وشدد على أن «لدينا موقفاً واضحاً» بأن أي حكومة فلسطينية، لا تقبل بمبادئ الرباعية، «لن تحظى باعتراف أو تعاون من الحكومة الإسرائيلية»، موضحاً أن تلبية هذه الشروط «لا يمنع من مطالبة الفلسطينيين باحترام الالتزامات الأخرى، ومن ضمنها إطلاق سراح الجندي المختطف جلعاد شاليط».
ويأتي موقف أولمرت غداة الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الرئيس الأميركي جورج بوش، موضحاً أنه اتفق معه على مقاطعة حكومة الوحدة الفلسطينية، إلا إذا قبلت بالمطالب الدولية المتعلقة بالسياسة الواجب اعتمادها تجاه إسرائيل. وذهب إلى حد قوله «إن الموقفين الاسرائيلي والأميركي متطابقان تماماً».
وكرّر أولمرت موقفه هذا، بعد جلسة المجلس الوزاري أمس. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في مكتبه قوله إن أولمرت أكد «أننا لن نعترف بحكومة وحدة فلسطينية لا تقبل بالشروط بوضوح. هذا هو الموقف الأميركي الإسرائيلي المشترك».
وعقدت رايس سلسلة من اللقاءات التمهيدية للاجتماع الثلاثي اليوم، مع المسؤولين الإسرائيليين، بينها لقاء مع نظيرتها الإسرائيلية تسيبي ليفني، التي رأت أن «اتفاق مكة بين حماس وفتح سيلقي بظلاله على القمة الثلاثية، وأن إسرائيل، مثلها مثل المجتمع الدولي، ستصر على أن يلتزم الفلسطينيون بكل الشروط»، موضحة أن «الاتفاقات بين فتح وحماس لا تلبي ذلك».
وأشارت ليفني إلى أنه «ينبغي التأكيد على وجوب محاربة الإرهاب لا عقد اتفاقات معه». وأضافت انه «يتعين على الرئيس الفلسطيني أن يرى إذا ما كان بإمكانه فصل الجهات المعتدلة عن الجهات المتطرفة في السلطة».
بدورها، أوضحت رايس، بعد لقائها ليفني، أن اللقاء الثلاثي سيعتمد على مبدأ دولتين لشعبين، موضحة أن «الولايات المتحدة ستنتظر تأليف حكومة الوحدة قبل أن تصدر حكماً». ورغم التأكيد المتكرّر من الأوساط السياسية الإسرائيلية على أن اللقاء الثلاثي لن يتناول مفاوضات حول قضايا الوضع النهائي (اللاجئين، القدس والانسحاب إلى حدود 67)، أوضحت رايس: «نريد أن يأخذ كل طرف القرارات الدولية بالحسبان، وفقاً لمبدأ دولتين لشعبين».
من جهته، رأى وزير الداخلية روني بار اون، المقرّب من أولمرت، أن «اتفاق مكة يشكّل محاولة ساذجة لتبرئة حماس أمام المجتمع الدولي». وأضاف: «يجب ألا نقاطع محمود عباس، وإلا فإننا سندفع به إلى أحضان حماس، لكن لا بد من الاستمرار في ممارسة الضغط عليه».
إلى ذلك، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن حكومة أولمرت غير مهتمة في هذا الوقت بنداء وزير الإسكان، مئير شطريت، الذي دعا فيه إلى التفاوض أولاً مع السعودية والبلدان العربية «المعتدلة» الأخرى على أساس المبادرة العربية، وبعد ذلك، فقط، التفاوض مع الفلسطينيين. وشدد المصدر على أن الحكومة لم تقبل بالمبادرة عام 2002 ولن تقبل بها الآن.
وكان شطريت قد رأى الأسبوع الماضي أن الانقسامات في السلطة الفلسطينية لا تترك أمام إسرائيل إلا خيارات ضئيلة. وأوضح أنه لا يمكن عقد اتفاق سلام مع «حماس التي لا تعترف بإسرائيل وتريد إزالتها»، كما أن القوى المعتدلة في السلطة الفلسطينية ضعيفة ومنقسمة إلى الحد الذي لا توجد فيه سلطة مركزية واضحة.
ورأى شطريت، بناء على ذلك، أن من الخيارات الضئيلة الباقية طلب التفاوض مع شركاء مثل السعودية والبلدان العربية المعتدلة الأخرى، وخصوصاً أن إسرائيل والفلسطينيين، بنظره، في مأزق وأنه ليس هناك من مجال للتحرك.
وترتكز رؤية شطريت على أنه في حال موافقة الدول العربية المعتدلة على اتفاق شامل مع إسرائيل، فإن الفلسطينيين سيتبنونه.