رام الله ــ سامي سعيد
سقطت الآمال التي كانت معقودة على اللقاء الثلاثي عند عتبة الوحدة الفلسطينية، التي لم تعجب الولايات المتحدة، ولا إسرائيل، فتحوّل اللقاء إلى مناسبة لتصعيد الضغط على الرئيس محمود عباس لإعادة الفلسطينيين إلى مربّع الانقسام


غابت الملفات التي أرادها الفلسطينيون أمس عن اللقاء الثلاثي، الذي جمع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت. انتهى بوعود بلقاءات لاحقة، وتأكيد لاتفاقات سابقة، من دون حسم النقاط العالقة بشأن الموقف من حكومة الوحدة الفلسطينية المرتقبة ورفع الحصار الإسرائيلي والأميركي عنها.
أشارت التقديرات إلى أن اللقاء تركّز على الضغط على عباس في ما يتعلق باتفاق حكومة الوحدة الفلسطينية، ولا سيما أن رايس وأولمرت جدّدا بعد اللقاء التشديد على الشروط الدولية للاعتراف بالحكومة الفلسطينية المرتقبة.
اتفق المجتمعون على خمس نقاط، في مقدمها التزام مبدأ الدولتين وفق رؤية الرئيس الأميركي جورج بوش، وضرورة احترام وقف اطلاق النار المتبادل بين الفلسطينيين وإسرائيل، والعمل على تنفيذ خريطة الطريق، والتزام الحكومة الفلسطينية شروط الرباعية، كما تم الاتفاق على اللقاء مرة أخرى قريباً لمتابعة البحث في كل الامور العالقة.
وقالت رايس، في مؤتمر صحافي مقتضب عقب اللقاء: “اكدنا نحن الثلاثة التزامنا حلاًّ يستند إلى قيام دولتين، واتفقنا على أن الدولة الفلسطينية لا يمكن أن ترى النور وسط الارهاب والعنف”.
وأضافت رايس “ان الرئيس عباس ورئيس الوزراء اولمرت اتفقا على الالتقاء من جديد قريباً”، مشيرة إلى أن عباس وأولمرت طلبا مساعدة الولايات المتحدة للتقدم في المفاوضات، وأنها تتوقع أن تعود هي نفسها إلى المنطقة قريباً لهذه الغاية.
وأوضحت رايس أن عباس وأولمرت بحثا موقف اللجنة الرباعية بشأن ضرورة تعهد الحكومة الفلسطينية بعدم اللجوء الى “العنف” والاعتراف بإسرائيل. وقالت “بحث الرئيس عباس ورئيس الوزراء اولمرت القضايا الضرورية للاتفاق على تأليف حكومة وحدة وطنية فلسطينية وموقف اللجنة الرباعية الذي يؤكد وجوب تعهد أي حكومة للسلطة الفلسطينية بعدم اللجوء الى العنف والاعتراف بإسرائيل وقبول الاتفاقات الموقعة والالتزامات بما فيها خريطة الطريق”.
وعقب الاجتماع جدّد اولمرت رفضه التفاوض مع حكومة فلسطينية لا تعترف بإسرائيل ولا تلبّي باقي شروط اللجنة الرباعية الدولية للشرق الاوسط. وقال “لقد قلنا بوضوح شديد إن مطلبنا، كما هي حال المجتمع الدولي والولايات المتحدة، هو أن على الحكومة الفلسطينية أن تقبل شروط الرباعية، وهي الاعتراف بالاتفاقات السابقة وتطبيقها والاعتراف بوجود اسرائيل دولة يهودية ووضع حد نهائي لكل أشكال العنف”.
وأضاف أولمرت أن هناك مطلباً آخر لإسرائيل من أي حكومة فلسطينية وهو “الافراج الفوري عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط”. وقال “لن نعترف بأي حكومة (فلسطينية) لا تحترم هذه التعهدات. ولن نتعاون مع هذه الحكومة ولا أي من وزرائها”.
لكن أولمرت قال إنه مصمم على “الابقاء على الحوار مع الفلسطينيين”، مشيراً الى أن الجهة الوحيدة التي يمكن التحاور معها هي “الرئيس (عباس) المنتخب من الشعب الفلسطيني”. وأضاف “لقد اتفقنا على متابعة الاتصالات بيننا أساساً بشأن تحسين ظروف عيش الفلسطينيين ومواصلة كفاح السلطة الفلسطينية ضد الارهاب”.
وتابع أولمرت “سيكون هناك حوار وسنحتفظ بالحوار وسيلة مع أبو مازن، وإن قطع هذا الحوار سيكون خطأ جسيماً، وذلك من دون التخلي عن مبدأ أننا لا نتفاوض مع عناصر لا تعترف بالقواعد الاساسية لأي تقدم (سياسي) مستقبلي”.
وقالت مصادر في مكتب أولمرت، إن إسرائيل تدرس إمكان عقد اجتماع قمة خماسي يضم الأردن ومصر والفلسطينيين والولايات المتحدة وإسرائيل لمواصلة “الحوار السياسي”.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن المصادر نفسها، قولها إن اقتراح عقد قمة خماسية لم يطرح خلال اللقاء الثلاثي.
وقالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي ميري أيسين، إن الأجواء التي سادت الاجتماع كانت “بنّاءة”، وإن المسؤولين الثلاثة اجتمعوا لمدة ساعتين ونصف تقريباً على انفراد، وبعد ذلك انضمت إليهم الوفود المرافقة.
وشددت أيسين على أن الاجتماع لم يتطرق إلى قضايا الحل الدائم للصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني وهي القدس والحدود واللاجئون الفلسطينيون.
من جهته، قال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات، أمس، إنه جرى التأكيد خلال اللقاء الثلاثي، على الموقف الفلسطيني المطالب بتنفيذ خريطة الطريق، ورؤية بوش بإقامة دولتين.
وأشار عريقات، عقب انتهاء اللقاء، إلى أن عباس شدد على أن الأولوية الفلسطينية الراهنة، هي وقف الاقتتال الداخلي، وتكريس السلاح الشرعي الواحد والسلطة الواحدة. وأضاف أنه “تم الاتفاق على تثبيت التهدئة تماماً، والحديث عن آليات عمل في المستقبل لتحويل رؤية الرئيس بوش إلى مسار سياسي واقعي”. وتابع أنه “لا يمكن الحديث الآن عن آليات عمل، لكن هناك اتفاقاً على الاجتماع في وقت لاحق بين الرئيس ورئيس الوزراء، وأن رايس ستعود إلى المنطقة قريباً”.
وإذا كان قد جرى الاتفاق على أن يشمل اتفاق التهدئة الضفة الغربية، قال عريقات “يجب أن تشمل التهدئة الضفة الغربية، وهناك ضرورة وتأكيد فلسطيني على ذلك”. وأضاف “نحتاج إلى معالجة أربعة ملفات لتثبيت التهدئة في الضفة وهي: ملفات المطاردين وعودة المبعدين ورفع الحواجز العسكرية، والصبغة القانونية للمناطق في “أ” و“ب”، ونحن نأمل في أن تشمل التهدئة الضفة لأن الأراضي الفلسطينية وحدة واحدة”.
وتعقيباً على إعلان رايس عن اجتماع عباس وأولمرت مجدداً، قال مسؤول اميركي رفيع المستوى إن “قمة جديدة ستعقد قريباً. إنها مسألة أسابيع لا أشهر”.
وقال مصدر مسؤول في الديوان الملكي الأردني أمس، إن الملك عبد الله الثاني سيلتقي اليوم وزيرة الخارجية الأميركية في عمان. وأوضح أن رايس ستطلع الملك على نتائج اللقاء الثلاثي.
وفي باريس، قال المتحدث المساعد باسم وزارة الخارجية الفرنسية ديني سيمونو “ان اعادة تأكيد الاطراف التزامها حل الدولتين خلال اللقاء الثلاثي يجب أن يكون خطوة أولى لاعادة اطلاق مسيرة السلام التي يمكن أن يواكبها عقد مؤتمر دولي”. وأضاف “من المهم في نظرنا أن يسمح هذا الاجتماع بتسهيل قيام حوار بناء بين الاسرائيليين والفلسطينيين ورسم افق سياسي لهؤلاء الاخيرين” اي الفلسطينيين.