طهران ـــ محمد شمصلاريجاني يلتقي البرادعي ويحذّر من الضغوط الدولية على طهران

فتحت الدبلوماسية الإيرانية كوّة، ولو صغيرة، في جدار عدم الثقة بين طهران والغرب، من خلال اللقاء الذي عقد أمس بين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في فيينا، الذي لم يكن ليتم لولا موافقة أوروبا، التي يبدوانها أتاحت الفرصة مجدداً للتحرّك دبلوماسياً، بعد إعلان طهران استعدادها لمناقشة اقتراح البرادعي الأخير، القاضي بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم بالتزامن مع وقف العقوبات الدولية على إيران.
وإن كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد أكد، أمس، “أن إيران تريد إجراء محادثات بشأن برنامجها النووي»، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن تكون هذه المحادثات “بشروط عادلة”.
وخاطب نجاد الدول الغربية، أمام حشد جماهيري في مدينة رشت الشمالية، بقوله، “كيف يمكن أن تعمل مصانع إنتاج الوقود لديكم على مدار الساعة، بينما منشآتنا النووية تغلق؟”، مضيفاً “أنتم تقولون إن منشآتنا يجب أن تغلق، فلا بأس، لكن بالمقابل يجب أيضاً إغلاق مصانعكم، وحينئذ نبدأ حواراً في ظروف متكافئة”.
وقال الرئيس الإيراني إن “كل هذا الضجيج حول إيران النووية ليس الخشية من امتلاكها أسلحة نووية، فهي لا تنوي ذلك، والغرب يعرف تماماً حقيقة النوايا الإيرانية، إنما السبب هو قلقهم من تقدم إيران في المجالات التكنولوجية، ما يسمح لها بإدارة شؤونها من دون الارتهان واللجوء إليهم، ويفتح لها آفاقاً جديدة تنال بها قمم التطور”.
وبعث نجاد بمزيد من الرسائل التطمينية الى دول الخليج قائلاً “إن إيران النووية القوية هي قوة لدول المنطقة”، مؤكداً لوزير الخارجية العماني يوسف بن علوي أن من أولويات السياسة الخارجية الإيرانية توسيع العلاقات الشاملة وتطويرها مع دول الجوار.
وأضاف نجاد: إن دول المنطقة باستطاعتها المساهمة في تحقيق الأمن والرفاهية والتقدم لشعوبها بتنمية العلاقات في ما بينها من دون اللجوء الى الأجانب.
من جهة ثانية، ندد الرئيس الإيراني “بالممارسات الصهيونية التعسفية ضد الشعب الفلسطيني”، واصفاً بقاء الكيان الصهيوني بأنه رمز للظلام والموت.
في المقابل، سخر البيت الأبيض أمس من تصريحات الرئيس الإيراني، لكنه اتخذ “موقف ترقّب” قبل انتهاء المهلة التي منحت للجمهورية الإسلامية لتعليق تخصيب اليورانيوم.
وتساءل المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو أمام الصحافيين “هل تعتقدون حقاً أنه عرض جدي؟».
أما وزارة الدفاع (البنتاغون) فوصفت معلومات نقلتها الـ“بي.بي.سي” مفادها أن لدى الجيش الأميركي خططاً مفصلة لتوجيه ضربة جوية لإيران بأنها «سخيفة».
وقال المتحدث برايان ويتمان ان لدى الولايات المتحدة "قلق حقيقي" بشأن البرنامج النووي الايراني وتدخل ايران في العراق مضيفا "غير اننا سنسوي هذه المسائل بالطرق الدبلوماسية".
واضاف براين ان هذه المعلومات "سخيفة".
وفي فيينا، حذر لاريجاني من أي ضغوط دولية بهدف وقف تخصيب اليورانيوم، وقال: إن أي محاولة ضغط سيقابلها «رد إيراني مناسب». وأشار الى أن النزاع مع الغرب بشأن برنامج إيران النووي «لن يحل باستخدام القوة أو الضغوط»، مضيفاً إنه «يحتمل أن هناك بعض المجموعات أو الدول المستعدة لاستخدام الإكراه مع إيران».
وتابع كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي عقب محادثات مع البرادعي، أن المشكلة «يمكن حلها على مائدة المفاوضات». وقال إن القضية الأهم ليست في وقف التخصيب.
وقال: إن طهران ستكون قادرة على «تقديم تطمينات بأن تخصيب اليورانيوم لن يتطور إلى أسلحة».
واضاف لاريجاني ان "تعليق (التخصيب) قرار سياسي وليس تقنيا"، متهما بعض الدول "بالرغبة في حرمان ايران من حقها في التكنولوجيا النووية السلمية".
بدوره، قال البرادعي إنه يتوقع أن يفرض الغرب عقوبات أكثر صرامة على إيران إذا تقاعست عن التعاون، لكنه حذر من اتخاذ إجراءات شديدة القسوة ضد إيران. وقال: إن على الغرب أن يمنح إيران احساساً أكبر بالأمان بدلاً من التهديد بالعقوبات.
وجاء الاجتماع الذي استمر ساعتين، قبل يوم واحد من نهاية المهلة التي يتعيّن على البرادعي خلالها إبلاغ مجلس الأمن بالوضع الحالي للبرنامج النووي الإيراني.
وكان المدير العام للطاقة الذرية قد صرح لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية أن مباحثاته مع لاريجاني تمثل «جهود اللحظة الأخيرة».
ورأى البرادعي أن إيران ستحصل في غضون ستة أشهر إلى عام على المعرفة اللازمة لتخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي مع ثلاثة آلاف وحدة طرد مركزي تعمل كـ«سلسلة»، غير أنه أشار إلى أن إيران «لا تزال بعيدة جداً عن حيازة القدرة على تصنيع قنبلة».
ميدانياً، أعلنت قوات الحرس الثوري الإيراني أنها أجرت تجارب متنوعة على التكتيكات الدفاعية المتنقلة ضد الهجمات والغارات الجوية للطائرات المقاتلة وعمليات الإنزال الجوي وإنزال المظليين .
وقامت قوات الحرس في اليوم الثاني من المناورات التي حملت اسم “اقتدار 85” وتجرى على مساحة ست عشرة محافظة، باختبار 620 صاروخاً تطلق من على منصات، وأخرى محمولة على الكتف، وأنواع متعددة من الصواريخ المضادة للطائرات.
ونقلت مصادر عسكرية رفيعة أن هذه المرحلة من المناورات تميّزت بتأمين تغطية جوية فاعلة على مساحة شاسعة من الأرض، واستخدمت فيها شبكة متشعبة للرصد البصري تغطي منطقة المناورات بأكملها.