موسكو ـ حبيب فوعاني
أشارت مصادر في شركة «آتوم ستروي إكسبورت»، التي تقوم ببناء مفاعل بوشهر النووي الإيراني لتوليد الطاقة الكهربائية وجميع المفاعلات النووية خارج روسيا، إلى أن إيران «لم تحوّل إلى حساب الشركة دولاراً واحداً منذ شهر ونصف شهر»، فيما بلغت مدفوعات الجانب الإيراني في النصف الأول من كانون الثاني الماضي 25 في المئة من المبالغ المطلوبة، أما في الربع الأخير من عام 2006 فقد بلغت 60 في المئة.
وأكدت هذه المصادر أن «وفداً إيرانياً سيصل إلى موسكو هذا الأسبوع لإجراء مباحثات مع ممثلي المؤسسة»، الذين سيصرّون أيضاً على رفع قيمة المشروع، التي تبلغ قيمته الحالية مليار دولار، إلى مليارين أو ثلاثة، «لأن بناء المفاعل بمليار واحد أصبح مستحيلاً». ويؤكد ممثلو مؤسسة «آتوم ستروي إكسبورت» أن مشاكل المدفوعات هي «مالية وبيروقراطية، وليست سياسية».
وفي السياق، قالت السكرتيرة الصحفية للمؤسسة إيرينا يسيبوفا إن «التأخر في التسديد مرتبط بعدد من الظروف الموضوعية، لا ذنب فيها تقريباً للجانب الإيراني»، مضيفة إن «آتوم ستروي إكسبورت ستحاول مع الجانب الإيراني تسوية المشكلة».
وتتلخص الصعوبات بقرار السلطات الإيرانية منع الدفع بالدولار، بعد تحول البنك المركزي الإيراني في معاملاته إلى اليورو، فيما كان العقد مع روسيا محرراً بالدولار الأميركي.
وبحسب مسؤولين في مؤسسة «آتوم ستروي إكسبورت»، فإن القانون الروسي «لا يسمح بالتحول ببساطة من عملة إلى عملة أخرى، من دون توقيع عقد إضافي جديد».
وأكد خبير روسي، لصحيفة «كوميرسانت»، أن «وثائق تمويل الصفقة يمكن إعادة تحريرها في يوم واحد، إذا وجدت الرغبة في ذلك»، لكن صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية أشارت في عنوانها الرئيسي الى أن «روسيا وجدت حجة للتخلي عن إيران»، معتبرة أن موسكو «ترسل إشارة إلى المجتمع الدولي بأنها تتجه الى تشديد موقفها من طهران».
ولم تستبعد صحيفة «كوميرسانت» أن «لا يُستكمل من جديد بناء مفاعل بوشهر النووي»، وذلك في إشارة إلى الصعوبات الدورية، التي تظهر من حين لآخر قبيل حلول موعد الانتهاء من هذا المشروع، مؤكدة أن «إشكالاً سياسياً يكمن وراء الخلاف المالي، الذي يتمثل في عدم رغبة موسكو في توريد وقود نووي إلى إيران غداة فرض عقوبات دولية جديدة عليها».
وتحتفظ موسكو بورقة الوقود النووي منذ عامين، حين كان المفاعل الايراني جاهزاً بنسبة 80 في المئة، لكن الحال بقيت على ما هي عليه بانتظار الوقود النووي، الذي يفوق وزنه 40 طناً، والموجود في مصنع في مدينة نوفوسيبيرسك الروسية. وعندما زار رئيس هيئة الطاقة الذرية الروسية سيرغي كيريينكو في شباط الجاري طهران أعلن أن تنفيذ المشروع «يتم وفق الخطة المرسومة، والوقود سيشحن إلى إيران قبل نهاية اذار المقبل»، اي في الوقت الذي سيتخذ فيه مجلس الأمن قراراً جديداً بشأن ايران.
ووفقا للرواية الرسمية الروسية، فإن تنفيذ مشروع بوشهر «يمكن أن يتعرض لبعض التعديلات»، بسبب ظهور صعوبات لدى الجانب الإيراني بالنسبة إلى تمويل المفاعل، لكن التقارير الاعلامية تشير الى «تفاهم» توصلت إليه روسيا مع الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في المسألة النووية الايرانية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد في 28 كانون الثاني 2007 في رسالته إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي أن روسيا ستنهي بناء المفاعل في الموعد المحدد، الذي حدده الخبراء في أيلول 2007. لكن بالنظر إلى الصعوبات الجديدة، لا يتوقع الخبراء إنهاء المشروع قبل أيار أو نيسان 2008. وبالتالي فإن شحن الوقود النووي إلى إيران لن يتم قبل أيلول أو تشرين الأول 2007.
وتجدر الإشارة الى أن شركة «سيمينس» كانت قد بدأت ببناء المفاعل عام 1974. وكانت أعمال بناء المفاعل على وشك الانتهاء عندما حدثت الثورة الإسلامية عام 1979، حين اضطرت الشركة إلى إيقاف أعمالها بضغط من الولايات المتحدة، قبل أن تستأنف روسيا العمل في استكمال بناء المفاعل عام 1998.