موسكو ـــ حبيب فوعاني
انتهت المهلة الدولية لإيران لإيقاف تخصيب اليورانيوم، وسط تسريبات إعلامية غربية عن معلومات حول استعداد الولايات المتحدة لتوجيه ضربات جوية إلى المواقع النووية والعسكرية الإيرانية، بعد تقرير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، الذي قدّمه أمس.
ويختلف الخبراء الروس في تحديد الباعث على هذه التسريبات ومدى جدية الولايات المتحدة في تهديداتها وحجم الأخطار المحدقة بطهران؛ ولا يستبعد رئيس مركز التنبؤات العسكرية، أناتولي تسيغانوك، توجيه ضربات جوية أميركية إلى إيران. وتقلقه بشكل خاص المعلومات حول حشد القوات البحرية الأميركية في الخليج العربي.
ولكن تسيغانوك، وهو خبير عسكري، أشار إلى عدم وجود معلومات محددة لدى الاستخبارات الأميركية عن مواقع جميع الأهداف الإيرانية. ولذا، فهو يرى أنه «حتى لو شاركت القوات الجوية الإسرائيلية بشن غارات جوية مع الأميركيين، فلن يكون لديهم ضمانة كاملة بتدمير جميع الأهداف المطلوبة».
ويقول تسيغانوك «إذا اختارت الولايات المتحدة الخيار العسكري، فإن ذلك سيتسبب بالانقسام بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، لأن روسيا والصين تقفان علناً ضد أي عملية عسكرية ضد إيران».
ويشير رئيس مكتب المركز الدولي للإعلام الدفاعي في روسيا، إيفان سافرانتشوك، إلى إمكان أن تبادر القوات الجوية الأميركية إلى القيام بـ«تظاهرة استعراضية»، وضرب عدد محدود من المنشآت الإيرانية.
ويرى خبير معهد التحليل والتقديرات الاستراتيجية، سيرغي ديميدينكو، بأن الخطط الأميركية لضرب إيران هي مجرد خدعة. وقال «لا تملك الولايات المتحدة الموارد اللازمة للاحتلال المحتمل لإيران». وأضاف «ان تدمير البنية العسكرية والسياسية التحتية لإيران قادر على تحويل هذا البلد إلى ثقب أسود وساحة فوضى وبؤرة للإرهاب».
وبحسب الخبير نفسه، تحاول الولايات المتحدة تخويف طهران قبيل اجتماع مجلس الأمن، وإذا لم تنجح في ذلك، فستحاول تمرير قرار جديد يفرض حزمة عقوبات اقتصادية وسياسية صارمة منظورة في المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة (قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، وإيقاف المواصلات).
ويرى رئيس قسم التحليل في معهد التحليل العسكري والسياسي، ألكسندر خرامتشيخين، أن خطورة الوضع تتمثل في أن «الولايات المتحدة وإيران يمكن أن تذهبا بعيداً في خداعهما، بحيث إن جورج بوش ومحمود أحمدي نجاد، إزاء أوضاعهما الدقيقة الراهنة، يمكن أن يصابا بالانهيار في أي لحظة». وقال إن «أي ضربة عسكرية توجه ضد إيران ستحوّل القوات الأميركية في العراق إلى رهائن. وإن أول قذيفة ستسقط على إيران الشيعية، ستمحق الأميركيين من العراق».
وأكد رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ الروسي، ميخائيل مارغيلوف، في ختام زيارته إلى إيران، أن السيناريو العسكري لحل المشكلة النووية الإيرانية غير واقعي. وقال «لا أرى أن لدى الأميركيين ما يكفي من الإرادة السياسية لشن عملية عسكرية ضد إيران».
ويرى مارغيلوف في أي عمل عسكري قد تقوم به الولايات المتحدة ضد إيران انتحاراً سياسياً لجورج بوش. وحذّر من أن تطور الأحداث بهذه الصورة سيدفع الكونغرس الأميركي إلى الشروع بإجراءات عزل بوش من منصبه الرئاسي.
ويرى المراقبون الروس أن أهم ما يردع الولايات المتحدة عن شن حرب جديدة في الخليج العربي هو الخوف من تكرار ما حدث خلال الحرب العراقية ـــ الإيرانية في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما أغرقت ناقلات نفط في مضيق هرمز وتوقف تصدير النفط من هناك لمدة نصف سنة.
ويشبّه المراقبون الوضع الحالي بما حدث في نيسان من العام الماضي، عندما كانت إيران تستعد لإعلان نفسها دولة نووية، حيث أخذت تظهر بين الحين والآخر مقالات في الصحافة الأميركية حول إمكان القيام بعملية عسكرية ضد إيران، ولم يُستبعَدْ آنذاك استخدام الأسلحة النووية لتدمير مخابئ المراكز النووية الحصينة. وكانت السلطات الأميركية تبادر إلى نفي ما يكتبه الصحافيون، وفي الوقت نفسه كان المسؤولون الأميركيون يصرّحون بأنهم يدرسون جميع الخيارات، بما في ذلك الخيار النووي «لمنع طهران من صنع قنبلة نووية».