strong>{الستة الكبار} تبحث في لندن الإثنين الملف النووي
يبدو أن مرحلة جديدة من لعبة شد الحبال بين ايران والدول الغربية قد بدأت بالتبلور، عقب تقديم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي تقريره المتعلق بالملف النووي الايراني، والذي تضمن “عدم التزام طهران بالقرار الرقم 1737 ووقف تخصيب اليورانيوم”.
ولعل ابرز تداعيات هذا التقرير، ظهور ملامح انقسام بين الدول الست المعنية بهذا الملف، بين معسكر مؤيد لتشديد العقوبات على طهران، تتزعمه أميركا، وآخر، بزعامة روسيا، يشكك في صدور قرار دولي جديد بفرض عقوبات إضافية على الجمهورية الإسلامية، في وقت يتحدث فيه البرادعي نفسه عن “فرصة” للتفاوض لا تزال امام إيران، التي كرر رئيسها محمود احمدي نجاد امس، أن بلاده “ستدافع عن برنامجها النووي السلمي حتى النهاية”.
فقد أعلن البيت الابيض امس أنه يريد قراراً جديداً من مجلس الامن الدولي ضد ايران، مشدداً في الوقت نفسه على رغبته في حل دبلوماسي للأزمة النووية بعدما رفض نائب الرئيس ديك تشيني مجدداً استبعاد الحل العسكري.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض، طوني فراتو: “اننا نركز على حل دبلوماسي، أعتقد اننا قلنا ذلك مرات عديدة”. وتحدث فراتو عن “اهتمام” الولايات المتحدة بقرار ثان من مجلس الامن الدولي بعد القرار 1737 الذي تم تبنيه في 23 كانون الاول. لكنه أضاف انه ينبغي انتظار نتيجة المشاورات الدبلوماسية الجارية، مشيراً الى امكان عقد اجتماع لمجلس الامن الاسبوع المقبل.
وكان وكيل وزارة الخارجية الاميركية نيكولاس بيرنز قد اعلن في وقت سابق، أن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا ستلتقي في لندن بعد غد الاثنين لبدء صياغة قرار ثان لفرض عقوبات على إيران.
في المقابل، شدد المندوب الروسي لدى الامم المتحدة، فيتالي تشوركين، على ضرورة ايجاد حل سياسي. وقال “يجب الا نفقد رؤية الهدف.. والهدف ليس صدور قرار او فرض عقوبات، إنه تحقيق نتيجة سياسية لهذه المشكلة”.
وفي برلين، قالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك: إن “الباب لا يزال مفتوحاً أمام المفاوضات مع ايران”. لكنها اشارت الى أن التقرير الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية يظهر أن طهران لا تفي بالتزاماتها، مضيفة “لذلك أعتقد أن ما سيكون موضع ترحيب هو أن يقود المسار مرة أخرى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
وحذّرت فرنسا بدورها ايران من “الانعكاسات” التي قد تصيب اقتصادها بسبب تشديد العقوبات بحقها لعدم وقف أنشطتها النووية الحساسة، لا سيما بعد عدم امتثالها للقرار 1737، كما لاحظت الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، ديني سيمونو، ان “القرار 1737 كان له وقع ما، لكن تشديده قد تكون له انعكاسات اخرى”، مضيفاً “نرى انه ينبغي تشديد العقوبات”.
وقال مندوب سلوفاكيا لدى الأمم المتحدة، بيتر بوريان، الذي تشغل بلاده رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر: “سندرس الجو العام واهتمام الاعضاء بإجراء مشاورات خلال رئاستنا للمجلس”.
أما وزير الخارجية الياباني تارو آسو، فقال من جهته “لم نقرر في هذه المرحلة ما ستفعله اليابان، ولا ما اذا كانت ستفرض عقوبات (جديدة)”.
وفي فيينا، قال البرادعي انه لا يزال يأمل في مخرج تفاوضي للأزمة النووية الايرانية، مذكّراً باقتراحه الاخير أن ترفع الامم المتحدة عقوباتها بحق ايران إذا وافقت هذه على تعليق انشطتها لتخصيب اليورانيوم في بالتزامن.
وفي طهران، كرر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد موقفه القائل بأن بلاده “ستدافع عن برنامجها النووي السلمي حتى النهاية”. وقال، امام حشد جماهيري في محافطة جيلان: “سيقف الشعب الايراني صامداً في وجه كل السياسات التسلطية للقوى الكبرى”، مضيفاً أن “ايران تنشد السلام، لكن على العالم أن يعلم أيضاً أنها لن تتراجع عن حقوقها النووية المشروعة قيد أنملة”.
ورأى الرئيس الايراني أن القضية النووية الراهنة هي “بمثابة اختبار لسيادة القانون في هذا العالم”.
اما رئيس مجمع تشخيص مصلحة النطام الشيخ أكبر هاشمي رفسنجاني، فقد دعا بدوره الغرب الى الحوار. وقال في خطبة الجمعة في جامعة طهران: “انهم لن يجنوا شيئاً من خلال اللجوء الى التهديد والقوة”.
ودعا رفسنجاني الغرب إلى تفهّم حقيقة أن التقارير الخاطئة لن تؤدي إلّا الى المزيد من تعقيد المشكلة، معلناً استعداد ايران لتقديم تطمينات وضمانات بشأن برنامجها النووي بالتلازم مع تخلي الغرب عن تعنته حيال هذه القضية والعودة الى المفاوضات.
من جانبه، رأى نائب رئيس الوكالة الذرية الايرانية محمد سعيدي، أن الاجراءات التي اتخذها مجلس الامن بشأن ايران تتناقض مع تقرير البرادعي، وأن طلب مجلس الامن تعليق تخصيب اليورانيوم “يفتقر إلى الأسس القانونية والحقوقية، ومن هذا المنطلق ترى ايران هذا الطلب غير مجدٍ”. وبالنسبة الى المواضيع الاخرى العالقة بين ايران والوكالة الدولية التي اشار البرادعي اليها في تقريره، قال سعيدي، إن ايران سبق أن أعلنت مراراً استعدادها لتسويتها خلال ثلاثة اسابيع وفق قوانين الوكالة الدولية شرط أن يعاد الملف الى الوكالة. وأضاف سعيدي، إن تقرير البرادعي يثبت أن ايران لم تنحرف عن نشاطاتها السلمية وهي تتعاون مع المفتشين الدوليين.
ورأى وزير الدفاع السابق، رئيس مركز الدراسات الدفاعية والاستراتيجية علي شمخاني، أن التفاوض مع الاوروبيين بالشأن النووي وحده لا يكفي لحل القضية، ملمحاً الى ضرورة الحوار المباشر مع الاميركيين بشأن ملفات عديدة في المنطقة.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
رويترز، يو بي آي، د ب أ)