داخل الغرف المغلقة في «الكابيتول هيل»، تدور أحاديث عن دكتاتورية المرأة التي تجسد السلطة في شخصها، تلك الحاكمة الفعلية في «مجلس المرأة الواحدة».جيم مكريري، الجمهوري المندفع في لجنة الضرائب، حاول على مدار سنة أن يبني علاقة جيدة مع رئيس هذه اللجنة لـ12 عاماً، الديموقراطي شارلز رانغل. لقد نجح في ذلك ولكنه اكتشف أن من يدير اللجنة حقيقة ليس رانغلر بل رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.
فرانغل، السياسي القادم من نيويورك، يبدو الحلقة الأضعف، ذلك فقط لأن نانسي هي أقوى رئيسة دخلت المجلس. الواقع يشهد على دورها التاريخي كأول وأقوى امرأة في هذا الموقع. وتبدو قوة هذه الجدة التي تقارب الـ67 عاماً إلى حد القول عن مجلس النواب «مجلس المرأة الواحدة».
الحكم بالنسبة إليها لا يعني بالضرورة أن يعتقد كل الديموقراطيين أنها تحكم جيداً. لقد أخطأت في ما يتعلق بتمرير قرار يدين الإبادة الأرمنية التي وقعت عام 1915. وفي هذا الشهر، وضعتها استطلاعات «هاريس بول» في مركز متدنٍّ إذ أعطتها ما نسبته 57 في المئة من عدم الموافقة على وظيفتها. ولكن ذلك لن تُعنى به بيلوسي المتجذرة في الديموقراطيين، ولن يجرؤ أحد من رؤساء اللجان على توجيه كلمة نقد واحدة لها.
وهذه حادثة أخرى. تقدّم رانغل الأسبوع الماضي باقتراح لإصلاح قانون الضرائب، ولكنه لم يلق ما ينبغي من التقدير رئيساً للجنة. لماذا؟ لأن بيلوسي لم تكن في الواجهة عند تقديمه. ورغبته في التوافق مع إدارة الرئيس جورج بوش على الاتفاقات التجارية الدولية لم تتحقق أيضاً لأن رئيسة المجلس تختلف مع رئيس لجنة التجارة الفرعية ساندر ليفين الذي يتبنّى سياسات حماية العمال.
وتجربة العضو الأقدم في المجلس ورئيس لجنة التجارة والطاقة جون دينغل، الذي لم يسبق له أن اختلف مع رؤساء ديموقراطيين، دليل آخر على دكتاتورية بيلوسي. لقد كانت مصممة على تمرير قانون يتعلق بالطاقة وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وإن تطلب الأمر تخطي دينغل الآتي من ديترويت (مدينة صناعة السيارات) والمفترض أن يكون المعارض الطبيعي لمن تأتي من كاليفورنيا. على رغم ذلك، رضخ دينغل لأنه يعلم أنه لن يحقق أية مصلحة سياسية بتحدّيه سيدة المجلس.
لكن كونها تجسد المجلس في شخصيتها لا يعني بالضرورة أن بيلوسي تعمل من دون مساعدين، فهي مقرّبة من تابعيْها القادمين من كاليفورنيا، رئيسي لجنتي التعليم والعمل جورج ميلر، والإشراف والإصلاح الإداري هنري واكسمان، وتعدّ مقربة من رؤساء اللجان المعتدلين، كرئيس لجنة الخدمات العسكرية إيك سكيلتون، ولكن... هذا لا يعني طبعاً أنها تستمع دوماً لنصائحهم.
فلقد سبق أن حذرها سكيلتون من تمرير قرار الإبادة الأرمنية الذي سيجلب عداء تركيا. كذلك فعل رئيس الغالبية الديموقراطية راهم إيمانويل، ولكنها أصرت على موقفها حتى وصل معارضوها في المجلس إلى 45 ديموقراطياً، بمن فيهم سكيلتون.
وكان من المفترض أن تدفع هذه الحادثة الديموقراطيين إلى الجهر بالقول إن بيلوسي أخطأت، ولكن شعبيتها في الحزب تتخطى «الكابيتول هيل».
(عن «واشنطن بوست»)