strong>تقارير تفيد باستخدام صنعاء لـ«الجهاديّين» ضدّ الجنوبيّين والحوثيّين
خلافاً للصورة المتعارف عليها لتحالف النظام اليمني مع الإدارة الأميركية في الحرب على «الإرهاب»، تُظهر معطيات نشرتها صحيفة «ويكلي ستاندرد» الأميركية أخيراً، أن صنعاء استغلت تنظيمات الجهاد العالمية «لتصدير الإرهابيين إلى العراق، والقضاء على التمرّد الحوثي في شمال البلاد، وقمع الجنوبيين أثناء الحرب الأهلية».
وكانت صنعاء قد تبنّت، غداة هجمات الحادي عشر من أيلول 2001، استراتيجية لمحاربة الإرهاب ارتكزت على التعاون مع الولايات المتحدة واعتقال عناصر «القاعدة». إلا أن السلطات اليمنية قامت أخيراً بالعفو عن جمال البدوي، العقل المدبّر لتفجير المدمّرة الأميركية «يو إس إس كول» في خليج عدن عام2000، والذي يتصدّر «لائحة الإرهابيين» الخاصة بمكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي. كما أطلقت سراح غالبية المرتبطين بالتفجير نفسه.
وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن مسؤولين يمنيين ساعدوا في تدبير تفجير المدمرة «كول»، مستشهدة بـ«العراقيل» التي وضعتها حكومة صنعاء أمام تحقيقات ممثلي «أف بي آي» في شأن الحادث.
وفي وقت يُتّهم نظام الرئيس علي عبد الله صالح بالازدواجية، يعزو مراقبون اختيار النظام اليمني لمنهج الإصلاح إلى الاختراق المتبادل بين الأجهزة الأمنية من جهة وخلايا «القاعدة» من جهة أخرى.
وفي شباط العام الماضي، هرب 23 من عناصر «القاعدة»، بينهم عدد من المشاركين في الهجوم على المدمرة، من سجن في صنعاء، في خطوة عززت الشكوك الأميركية باختراق عناصر «القاعدة» لجهاز الأمن السياسي اليمني. إلا أن الحكومة اليمنية، التي كانت على أبواب انتخابات رئاسية، نجحت في استعادة ثقة الأميركيين عبر إقناعهم بأنها لا تؤدي دوراً مزدوجاً، مدلّلة على ذلك باعتقال الأجهزة الأمنية لعدد من العناصر الفارة واغتيال فواز الربيعي، المدان في حادثة تفجير ناقلة النفط الفرنسية «ليمبورغ» في عام 2002.
ويقول صالح علناً إنه «في حال هدنة مع تنظيم القاعدة»، وهو يحاول على ما يبدو دمج الميليشيات المتطرفة في النظام السياسي لكبح جموحها الراديكالي.
وظلت علاقة السلطة اليمنية بـ«القاعدة» تحت السيطرة، مع تولّي وزير الأوقاف والإرشاد القاضي حمود الهتار، إدارة الحوار مع عناصر التنظيم في السجون. وتصف الباحثة في الشؤون اليمنية، جين نوفاك، العلاقة بين صنعاء و«القاعدة» بأنها «أكثر من هدنة»، بل «حلف دعم متبادل يعدّ المسؤول عن الكثير من المذابح في أنحاء العالم، بما في ذلك مقتل الجنود الأميركيين في العراق». وتعود بداية العلاقة بين الطرفين، بحسب «ويكلي ستاندارد»، إلى فترة الثمانينيات، حين أنشأ الأخ غير الشقيق لصالح، الجنرال علي محسن الأحمر، معكسرات لتدريب أنصار أسامة بن لادن في اليمن. وغداة انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان، رحّب النظام اليمني بعودة الآلاف من العرب الأفغان اليمنيين وغير اليمنيين.
وخلال الحرب الأهلية عام 1994 على قوات الحزب الاشتراكي في جنوب اليمن، استخدم جيش اليمن الشمالي الأفغان العرب قوة شبه عسكرية. واتخذت الحرب إطار الجهاد ضد «الاشتراكيين الجنوبيين الكفار». وتبوّأ بعدها أنصار بن لادن ومن قاتل إلى جانب صالح مراكز عليا في الجيش اليمني والقوى الأمنية.
وفي سياق التمرد الحوثي في محافظة صعدة، أعطت السلطات اليمنية التعليمات للخطباء السلفيين لزيادة التحريض الطائفي على الشيعة. وعممت وزارة الدفاع اليمنية، بحسب الصحيفة نفسها، فتوى تبيح قتل الثوار. وأوكل إلى «جيش عدن أبين» الإسلامي القتال ضد الزيديين (الشيعة).
وتستغلّ الصحيفة مدح الرئيس اليمني للمقاومة ضد الاحتلال، للدلالة على سعيه إلى «تنمية الثقافة التي تجيز الأنشطة الإرهابية خارج اليمن»، مشيرة إلى أنه «في أيار 2005، أقامت عناصر من الاستخبارات اليمنية معسكرات تدريب للبعثيين العراقيين اللاجئين في اليمن».
وتزيد الكاتبة الأميركية جرعة الاتهامات، لتقول إن «القوات المتمردة العراقية موجودة في اليمن بقاعدة عملياتية مهمة، حيث يقدر عدد العراقيين الموجودين منذ عام 2003 بـ26000، بينهم نائب الرئيس العراقي السابق، عزة إبراهيم الدوري».
وتستشهد نوفاك بـ«تعاون» المحاكم اليمنية مع الجهاديين؛ ففي شهر تموز الماضي، لم تُجَرِّم محكمة يمنية القتال في العراق، وحكمت بالبراءة لـ19 متهماً بصلاتهم بخلية أبو مصعب الزرقاوي، وأدانت ستة منهم بتهم صغيرة تتعلق بتزوير وثائق رسمية، مشيرة إلى أن «الانضمام إلى المقاومة في العراق لا يتعارض مع القانون اليمني، الذي يسمح بالقتال ضد المحتلين».
(الأخبار)