باريس ــ الأخبار
في رحلة مفاجئة مثّلت منعطفاً في قضيّة «أيتام دارفور»، وصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس إلى نجامينا، حيث استقبله الرئيس إدريس ديبي، في وقت كانت السلطات التشاديّة تُفرج عن 7 متّهمين من أصل 21 محتجزاً، هم الأوروبيّون المنتمون إلى المنظّمة الإنسانيّة الفرنسيّة «آرش دي زويه»، الذين أُحبطت محاولتهم لنقل 103 أطفال إلى فرنسا.
والمفرج عنهم هم مضيفات الطيران الإسبانيّات والصحافيّون الفرنسيّون الموقوفون، الذين أثارت قضيتهم جدلاً في كلّ من تشاد وفرنسا، عقب توجيه تهم إلى المنظّمة التي ينتمون إليها بـ«خطف قاصرين والاحتيال والتواطؤ». وهي تهمة يعاقب عليها بالسجن لفترات تراوح بين 5 أعوام و25 عاماً في التشاد، مع الإشارة إلى مسؤولية «فرنسا الرسمية» في هذه القضية.
ويرى مراقبون للعلاقات التشادية ــــ الفرنسية أنّ حكومة نجامينا حاولت من خلال التصريحات الأوّليّة الحادّة التي أطلقها ديبي بخصوص الموقوفين، استخدام هذا الملف لتعزيز موقفها أمام الرأي العام التشادي وموقعها كحليف مميّز لفرنسا في المنطقة، وذلك في الوقت الذي تفتح فيه أبوابها لقوّات أوروبيّة كي تنتشر على حدودها الشرقية مع السودان، مع العلم بأن ذلك الانتشار لا يزال يثير حساسيّات في القارة السوداء، غير أنّ ديبي أكّد أنّه لن يعيد النظر في المسألة.
ويشير المحلّلون إلى أنّ ديبي قد نجح، من خلال تشدّده، في «دفع ساركوزي إلى القيام برحلة إلى نجامينا»، على رغم انشغال الرئيس الفرنسي بالإعداد لسفرته في اليوم التالي إلى واشنطن. وقالت مصادر مقرّبة من الملفّ إنّ السلطات التشاديّة رفضت اقتراح إرسال وزير «ليتسلّم الصحافيّين الفرنسيّين والمضيفات»، الذين أثبتت الاستجوابات الأوليّة براءتهم.
وكان ساركوزي في غنى عن هذه القضية التي سلّطت الأضواء على المهمّة العسكريّة لـ«يوروفورس»، التي أقرّها الاتحاد الأوروبي، واتّخذت من إحدى ضواحي باريس مركزاً لقيادتها، ومن المنتظر أن تنتشر خلال أسابيع، وخصوصاً أن التحقيقات أثبتت أن أعضاء «آرش دي زويه» قد استخدموا في بعض الأحيان طائرات عسكريّة فرنسية أقلّتهم على متنها إلى منطقة أبيشيه التشاديّة.
وقد حدا هذا الحكومة الفرنسية إلى فتح تحقيق يقوده كلّ من وزير الخارجية برنار كوشنير ووزير الدفاع هيرفيه موران، بعدما كانت مصادر فرنسية قد كشفت عن أن السلطات الفرنسية كانت على علم «بتحرّكات الجمعية وحذّرتها مرات عديدة من الاستمرار بنشاطها» المخالف للقوانين المحلية. وتتخوّف منظمات إنسانية عديدة من الانعكاسات التي يمكن أن تتركها هذه القضية على «عمل ما يزيد على ١٣ ألف ناشط في العمل الإنساني» يوجدون «بين دارفور والتشاد»، وخصوصاً بعدما شدّدت الحكومة التشادية، في بياناتها، على التهم الموجّهة للجمعية بأنّها كانت تنوي «بيع» هؤلاء الأطفال إلى «منظّمات غير حكوميّة تسهّل الاعتداءات الجنسية على الأطفال» أو «قتلهم بقصد انتزاع أعضائهم». وعلمت «الأخبار» بأنّ بعض «من ساهم ماليّاً» بقصد «تبنّي هؤلاء الأطفال» في طريقه لرفع دعاوى قضائية على الجمعية الفرنسية.
وتؤكّد منظمة «آرش دي زويه» أنّ الهدف من وراء عمليّتها كان نقل الأطفال «الأيتام وإنقاذهم من الموت» جراء الحرب الدائرة في دارفور. غير أنّ هذه الأقوال تتعارض مع عناصر التحقيق الأوليّة التي أثبتت أن الأطفال هم تشاديّون وبينهم 9 أيتام فقط.