القاهرة ـ الأخبار
حزب مبارك يحافظ على تراتبيّته ويشكّل «هيئة عليا» لتقديم مرشّح للرئاسة

اهتزّت قاعة دار القضاء العالي في القاهرة أمس بالحكم الذي أصدرته محكمة جنايات الجيزة بالسجن ثلاث سنوات على ضابط شرطة ومعاونه لمدة ثلاث سنوات، لإدانتهما في قضية تعذيب وانتهاك جسد السائق عماد الكبير، في وقت حافظ فيه الحزب الوطني الحاكم على هيكليته، مخالفاً التوقعات التي راجت عن ترفيع ابن الرئيس المصري حسني مبارك، جمال، إلى منصب نائب رئيس الحزب.
ووصفت أوساط قضائية وحقوقية الحكم على ضابط الشرطة بأنه «تاريخي». وقال المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، في بيان، إن «الحكم ضدّ المتهمين يمثّل تأكيداً لعدالة القضاء المصري ومدى فعاليته في حماية حقوق الإنسان». ووصف الحكم بمثابة مرحلة جديدة «يتصدّى فيها القضاء المصري لجريمة التعذيب».
ومعروف أن جهاز الأمن المصري هو العنصر الأساسي في بقاء نظام مبارك. وتزامنت الهزة التي نالت منه مع احتفاظ رئيس مجلس الشورى، وأحد أبرز المقربين من الرئيس المصري، صفوت الشريف، بمنصبه أميناً عاماً للحزب.
وأعادت الأمانة العامة للحزب، خلال اجتماعها أمس برئاسة مبارك، انتخاب الشريف بالغالبية أميناً عاماً لها. وتضمّ تشكيلتها الجديدة إلى الشريف، رئيس ديوان رئيس الجمهورية زكريا عزمي، والأمين العام المساعد للشؤون البرلمانية مفيد شهاب، والأمين العام المساعد وأمين السياسات جمال مبارك، وأمين التنظيم أحمد عز، وأمين الإعلام علي الدين هلال.
وقال الشريف إن «مبارك وقّع قراراً بتشكيل المكتب السياسي للحزب، بعد انتخاب الأمانة العامة وتحديد أعضاء هيئة المكتب، إذ ينص النظام الأساسي للحزب وتعديلاته على أن يضم المكتب السياسي أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة، التي صدر قرار بتشكيلها ليصبح عدد أعضاء المكتب 16 عضواً».
وكان المؤتمر قد قرّر السبت الماضي، في اقتراع برفع الأيدي، تشكيل هيئة عليا للحزب تضم أعضاء المكتب السياسي وأعضاء من الأمانة العامة، بينهم أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة، لتتولى الترشيح لمنصب رئيس الدولة.
وقال محلّلون إن استحداث الهيئة العليا للحزب يشير إلى استعداده لتقديم مرشّح لرئاسة الدولة غير مبارك في عام 2011. وستضم الهيئة العليا في عضويتها جمال مبارك، بحكم عضويته في هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب. وُيزيل تشكيل الهيئة العليا للحزب أي نزاع دستوري على ترشيح جمال مبارك لرئاسة الدولة.
وظل صفوت الشريف (73 عاما) قريباً من قمة الحزب منذ تأسيسه عام 1977، وهو يشغل منصب الأمين العام منذ عام 2002، كما أنه شخصية بارزة على الساحة السياسية منذ الستينيات.
وفي كل الأحوال، يظلّ الشريف رجل الرئيس والسلطة والميزان في الحزب. وأراد الكثيرون التقليل من نفوذه، لكنه ما زال القادر على أن يجد للحزب المخرج تلو المخرج كلما تطلب الأمر تدخله.
ولعب الشريف أخيراً على وتر الأداء السيئ للحزب في ما يخص التناول الإعلامي، وهي مسألة برع فيها الأمين العام الذي تربع على منصب وزير الإعلام لعقدين كاملين أو ما يزيد، من دون مزاحمة. ولطالما تباهى بأنه سيكون آخر وزير للإعلام. إلاّ أن نبوءة الشريف لم تتحقق نظرياً، إذ خلفه في المنصب ذاته أنس الفقي. ولكن ربما كان الشريف من أذكى معاوني الرئيس لأنه استمر بقوته نفسها ولكن في موقع آخر.
وولد الأمين العام للحزب في 19 كانون الأول في عام 1933 في محافظة الغربية، وحصل على بكالوريوس في العلوم العسكرية، وعمل ضابط استخبارات سابق قبل أن يشغل منصب الرئيس الأسبق للهيئة العامة للاستعلامات واتحاد الإذاعة والتلفزيون. وشغل بين عامي 1983 و2004 منصب وزير الإعلام، علماً بأنه يتولّى منذ عام 2004 رئاسة مجلس الشورى.
ولم تظهر معطيات واضحة عن الطريقة التي سيدير بها الحزب خلافة الرئيس المصري الذي يبلغ من العمر 79 عاماً وتنتهي فترة رئاسته الحالية للدولة، وهي الخامسة، عام 2011. كما يعتقد على نطاق واسع أن مبارك يعد جمال (43 عاماً) لخلافته.