شدّد قادة المعارضة الجورجية أمس على أنّهم يسعون لتغيير سلمي للسلطة في البلاد، في وقت حاصر فيه آلاف من مناصريهم مبنى البرلمان، لليوم الرابع على التوالي، مطالبين باستقالة الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي، الذي رأى أنّ مثيري الاضطرابات في بلاده هم أولئك «الأوليغارشيين الروس» الذي خطّطوا «لاختلال النظام في روسيا خلال تسعينيّات القرن الماضي».ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن قادة في المعارضة الجورجية تأكيدهم أنّهم يرفضون العنف وسيمارسون الضغط المعنوي على السلطات. وقال الوزير السابق، غيوغري خايندرافا: «سنسعى لهذا الهدف من خلال وسائل سلمية وحضارية ودستورية، عبر الانتخابات»، التي تريد المعارضة الممثّلة في «الجبهة المتّحدة» إجراءها في الربيع المقبل، بينما يريد ساكاشفيلي تأجيلها إلى الخريف من عام 2008 كي تتزامن مع الانتخابات الرئاسيّة.
وكانت المعارضة الجورجية قد صعّدت أمس تحركها ضد ساكاشفيلي، ونظّمت سلسلة من الاعتصامات أمام المؤسسات الحكومية في البلاد. وشكّل أنصارها، الذين يعتصمون لليوم الرابع على التوالي في تبليسي حلقة بشرية حول مبنى البرلمان، وهم يهتفون مطالبين بـ«استقالة ميخائيل ساكاشفيلي»، في الوقت الذي أعلن فيه العديد من النوّاب المعارضين إضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى تحقيق مطالبهم الخاصّة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة في ربيع العام المقبل وإطلاق سراج السجناء السياسيّين. وفي هذا الصدد قال النائب المعارض، ليفان غاتشيتشيلادزه: «أعلن إضراباً مفتوحاً عن الطعام سيستمر حتى تحقيق مطالبنا. لن أغادر هذا المكان (درج البرلمان) حتى تحقيقها».
وذكرت «نوفوستي» أنّ اعتصاماً نُظّم صباح أمس عند مبنى وزارة الداخلية الجورجية. وقام عدد من الشباب بتشكيل ما يسمى «ممرّ العار»، الذي يجب على موظفي المؤسّسات أن يمروا من خلاله للوصول إلى مكاتبهم. ودعا أنصار المعارضة الموظفين إلى رفض العمل تحت إمرة القيادة الحالية للبلاد والانضمام إلى المتظاهرين عند مبنى البرلمان الجورجي. وذكرت تقارير أن اعتصامات أخرى ستنظم عند مبنى النيابة العامة وديوان رئاسة الدولة.
أمّا ساكاشفيلي، فقد أعلن في خطاب ألقاه أوّل من أمس، عبر التلفزيون، أنّه لا ينوي الرضوخ لمطالب المعارضة تقريب موعد الانتخابات البرلمانية. وقال: «ستجري الانتخابات في موعدها الدستوري، أي في خريف 2008». مشيراً إلى أنّ الاضطرابات في جورجيا هي «في مصلحة روسيا، ولا سيّما أن أعمال الشغب مرتبطة بأعمال بعض الأوليغارشيين الروس»، الذين سيطروا على بلادهم بعد انهيار الاتّحاد السوفياتي.
وأضاف ساكاشفيلي، الذي تحدّث للمرّة الأولى منذ انطلاق الاحتجاجات الجمعة الماضي، أنّ هدف المعارضة من خلال التظاهر هو إعطاء انطباع بأنّ «جورجيا هي في وضع ضعيف، وليس من باب الصدفة أن تكون روسيا ضالعة في هذا التطوّر».
وكان المشرّعون الجورجيّون قد وافقوا العام الماضي على تعديل دستوري يمدّد المهلة الطبيعيّة لدورة البرلمان من نيسان المقبل إلى أواخر عام 2008، إضافة إلى تقليص مدّة ولاية الرئيس، كي يتزامن الاستحقاقان.
وتجدر الإشارة إلى أنّه بعد 4 سنوات على «ثورة الورود» التي أطاحت حكم إدوارد تشيفارنادزيه وأوصلت ساكاشفيلي إلى كرسي الرئاسة بدعم أوروبي وأميركي، تزداد الانتقادات لإنجازات الحكومة الجديدة التي لم تعالج الفجوة المتزايدة بين الفقراء والأغنياء والتي تمارس احتكاراً للسلطة السياسيّة والقضائيّة من أجل ملاحقة قادة المعارضة. وفي هذا السياق يبرز اسم وزير الدفاع السابق المنقلب على الرئيس، إيراكلي أوكرياشفيلي، الذي تقول المعارضة إنّه أجبر على مغادرة البلاد إلى فرنسا كي لا يقود حركات الاحتجاج الذي يتوسّع يوماً بعد يوم، فيما تقول السلطة إنّه غادر إلى ألمانيا من أجل العلاج.
(أ ب، أ ف ب)