غزة ــ رائد لافي
350 حالــة مهــدّدة بالمــوت لحاجتهــا الطارئــة إلـى عمليــات خــارج القطـاع

كان الطبيب الفلسطيني نظمي عاشور آخر ضحايا الإجراءات التعقيدية على الحواجز الإسرائيلية، التي تحول أيضاً دون تمكّن نحو ألف مريض من مغادرة قطاع غزة لتلقي العلاج، لخطورة حالتهم وضعف إمكانات مستشفيات غزة.
عاشور (50 عاماً)، كان الضحية السابعة خلال أربعة أشهر، والثانية في أقل من 24 ساعة، حيث سبقه بساعات قليلة الشاب بسام حرارة (36 عاماً)، الذي توفي جراء التعقيدات الأمنية الإسرائيلية والانتظار طويلاً تحت أشعة الشمس اللافحة في معبر بيت حانون (إيرز) بين القطاع وفلسطين المحتلة عام 48.
ويواجه نحو 350 مريضاً، من أصل ألف، «خطر الموت في كل لحظة لاحتياجهم إلى عمليات جراحية عاجلة خارج القطاع»، بحسب المدير العام للإسعاف والطوارئ الطبيب معاوية حسنين.
وقال حسنين إن «سلطات الاحتلال تخضع المرضى الفلسطينيين لعمليات تفتيش مهينة ومذلة على الحواجز العسكرية، فيما تمنع المئات منهم من مغادرة القطاع لدواع واهية».
ويجلس الطفل محمود المدهون (4 أعوام)، على سرير الحالات الحرجة في مستشفى الشفاء، وهو يعاني مشكلات مرضية في الحجاب الحاجز ونزيفاً في الحوض وإصابة في العمود الفقري، إثر حادث سير تعرض له قبل أيام.
وقال أحمد المدهون، عمّ الطفل: «أجرينا اتصالات كثيرة مع المسؤولين لخروج محمود للعلاج، لكن الإجابة كانت دوماً: المعابر مغلقة ولا نستطيع عمل أي شيء». وأضاف: «أولادنا يموتون، ولا أحد ينظر إلينا»، موجهاً صرخة إنسانية إلى الأطراف المعنية بالعمل سريعاً على فتح المعبر كي يتمكن أحمد ومئات المرضى من السفر للخارج للعلاج.
وغير بعيد عن الطفل أحمد، كانت الحاجة ليلى عليوة (55 عاماً) تجلس على سرير آخر، تصدر أنيناً يكاد يدمي القلوب، لعلها تجد آذاناً صاغية ترحم آلام الأطفال ومعاناة المسنين الذين ينتظرون الموت في كل لحظة.
وتعاني عليوة مرض السرطان منذ ثلاثة أعوام، وكانت قد أجرت عملية لاستئصال الرحم في الخارج، وتنتظر الخروج من قطاع غزة للمراجعة، بعدما واصلت تلقّي العلاج الكيميائي، بناء على توصية الأطباء.
وقالت المرأة، التي رسم الوجع على وجهها خريطة شعب يعاني، إن «الحصار الإسرائيلي الخانق للقطاع، وإغلاق المعابر أفقدها الأمل في الحياة، ولا تدري ما هو مصيرها بعدما تدهورت حالتها الصحية، وأصبح جسمها يفرز المياه، وباتت غير قادرة على تناول الطعام منذ ثلاثة أشهر». وبكلمات عامية بسيطة، قالت الحاجة ليلى: «العالم ما بيرحم ولازم نرحم بعضنا»، داعية المتخاصمين في حركتي «فتح» و«حماس» إلى الوحدة والنظر إلى معاناة الشعب الفلسطيني، وخصوصاً المرضى، للضغط على العالم لفتح المعابر في غزة.
واتهم القائم بأعمال وزير الصحة في الحكومة المقالة، الدكتور باسم نعيم، سلطات الاحتلال بممارسة «الابتزاز السياسي»، بحق الشعب الفلسطيني، للسماح له بالتمتع بأبسط حقوقه الإنسانية في السفر لتلقي العلاج.
وجدد نعيم تحذيره من وقوع «كارثة إنسانية وصحية» في القطاع، في حال استمرار إغلاق المعابر، مشيراً إلى أن هذه الكارثة ستنعكس على الجميع بالسوء، بما في ذلك الإسرائيليون وكل الدول المجاورة.
وفي خصوص نقص الأدوية، قال نعيم: «هذا موضوع متحرك وديناميكي»، حيث يوجد 450 صنفاً من الأدوية توفرهم وزارة الصحة، في حين المتوافر حالياً ما بين 30 إلى 50 صنفاً، يكاد يكون رصيدها صفراً.
وقال رئيس قسم الكلى في مستشفى الشفاء، الطبيب نافذ نعيم: «إن هناك عجزاً ملموساً في الأدوية الخاصة بزراعة الكلى»، مشيراً إلى أن «عدداً من المرضى مهددون بأن ترفض أجسادهم عمليات زراعة الكلى بسبب عدم تلقيهم الدواء اللازم، لكونه غير متوافر في غزة».
وفي خصوص غسيل الكلى، أشار نعيم إلى وجود نقص كبير في المواد الطبية المستخدمة في عمليات الغسيل، وخصوصاً «القسطرة»، موضحاً أن معدل الاستهلاك الشهري هو ما بين 40 إلى 50 قسطرة، في حين المتوافر حالياً لا يزيد على 15 قسطرة. وحذّر من احتمال إغلاق قسم الكلى في حال عدم توفير الأدوية والمواد الطبية التي أوشكت على النفاد، مشيراً إلى «أن 190 مريضاً في غزة سيتعرضون لخطر حقيقي إذا استمرت الحال الراهنة».