strong> ربى أبو عمو
انتهت فرصة الهدوء السياسي التي منحتها المعارضة الموريتانية للحكومة بعد تنصيب الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ عبد الله في 19 نيسان الماضي، بعدما خرقت ما سمي «التوتر الصامت» بينها وبين السلطة، حين نفّذت تهديداتها بالنزول إلى الشارع يوم الجمعة الماضي احتجاجاً على غلاء الأسعار، وخصوصاً في جنوب شرق البلاد، ما أسفر عن سقوط قتيل وعدد من الجرحى، إضافة إلى اعتقال اثنين من مسؤولي المعارضة. هذا العنف يطرح تساؤلات عن إمكانية متابعة السير نحو الديموقراطية التي اتّبعتها موريتانيا بعد الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد علي ولد محمد فال ضد حكم الرئيس معاوية ولد الطايع في الثالث من آب 2005، ومن ثم إعادة السلطة إلى المدنيين.
إلاّ أن الحكومة سارعت إلى احتواء الأزمة عبر سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي اتخذتها لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الأساسية، إذ أعلن المتحدث باسم الحكومة عزيز ولد داهي أن نحو 6605 أطنان من المواد الغذائية الأساسية ستوزّع مجاناً في المناطق الريفية للأكثر فقراً.
هذه الإجراءات وصفتها المعارضة بأنها «خطوة إيجابية لكن غير كافية»، ولا سيما أن الحكومة سعت من خلالها إلى كبح غضب المعارضة، التي نفد صبرها بعدما لم تحقق خلال فترة 6 أشهر أي خطط أولية لتخفيف معاناة المواطنين. وترى المعارضة أن الوضع الاقتصادي في موريتانيا يسير من سيئ إلى أسوأ، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة والأسعار، بعدما بات عدد من مؤسسات الدولة عرضة للإفلاس، وأصبحت الامتيازات والوظائف توزع على أساس الولاء السياسي الضيق.
وتنتقد المعارضة أيضاً محاولات تأليف حزب جديد للسلطة، من خلال الإشراف المباشر لرئيس الجمهورية على تفكيك الأحزاب والضغط على المجموعات والسياسيين لإعادة بناء حزب الدولة، ما يمثّل أكبر طعنة للديموقراطية.
ملفات عديدة، بينها قضية المبعدين وتصفية العبودية والإصلاح المؤسسي المدني والعسكري والسياسة الخارجية، وخصوصاً العلاقات مع إسرائيل، تقف بين المعارضة والحكومة.
وفي ظل تأهّب المعارضة واستعدادها لبدء المحاسبة الحقيقية للحكومة، تعيش موريتانيا مخاوف من انقلاب جديد يضاف إلى تاريخها الانقلابي.