القاهرة ــ الأخبار
يتجه نظام الرئيس المصري حسني مبارك نحو تجنيد سلاح الفتاوى الدينية لمواجهة الاحتجاجات الشعبية التي تزعج نظامه المستقر، إذ كشف علماء الأزهر أن مفتي مصر علي جمعة أنشأ جيشاً، أطلق عليه اسم «جند ابليس»، لخدمته في إصدار فتاوى تبرّر أفعال السلطان، ليصبح المفتي في قلب الصراعات السياسية.
وبينما كان المفتي يدافع عن نفسه في مؤتمر صحافي أمس، جدّد 3 آلاف موظف من الضرائب العقارية اعتصامهم الرمزي نيابةً عن 55 ألف موظف للمطالبة باستعادة حقوقهم المالية، ما يهدّد بشلّ قطاع كبير من المعاملات الخاصة بالأراضي والبناء.
وكان المفتي شديد العصبية على غرار قوات الأمن التي هدّدت المعتصمين أمام مقرّ اتحاد العمال بالمواجهة العنيفة فى حال التحرك باتجاه الشارع، بينما دافع المفتي عن نفسه قائلاً «لماذا لا تتذكرون الفتاوى التي حرمت فيها التعذيب وتزوير الانتخابات».
فالمفتى، الذي دخل دائرة الاستنكار منذ فتواه «بشرب الصحابة لبول الرسول»، كان قد قال إن الشبان المصريين الذين غرقوا قبالة سواحل ايطاليا خلال هجرتهم غير الشرعية ليسوا شهداء. إلّا أنه تراجع عن هذه التصريحات، وقال أمس «لم يحدث أن تعرضنا لأي ضغط سياسي أو حكومي».
وفي إشارة إلى الجدل حول مصرع الفتاة رضا شحاتة بعدما صدمتها سيارة تابعة للشرطة المصرية، قال المفتي إنه نشر في شهر تموز فتوى مفادها بأن من يلقي بنفسه أمام السيارة يعد منتحراً، موضحاً أن «الفتوى موجودة منذ تموز، بينما وقعت الحادثة في شهر تشرين الثاني».
في المقابل، يقول الصحافيون إن المركز الإعلامي التابع لدار الإفتاء أعاد توزيع الفتوى عليهم بعد أيام من مقتل الفتاة تحت عجلات سيارة الشرطة التي تحركت بتعليمات من مسؤول أمنى.
إلى ذلك، نفى جمعة قوله إن حوالى 28 شاباً مصرياً غرقوا في حادثين منفصلين قبالة سواحل ايطاليا في نهاية الشهر الماضي ليسوا شهداء لأنهم طمّاعون. وقال إنه كان يرد على سؤال عمّا إذا كان هؤلاء الشبان شهداء، ولم يكن بصدد إصدار فتوى، مشيراً إلى أن كلمة «طماعون» لم ترد في كلامه على النحو الذي نشرت به. ووزع مساعد المفتي بياناً قال فيه إن الهجرة غير الشرعية من جانب المصريين «تحتاج إلى دراسة عميقة جداً».
إلى ذلك، أصبح جمعة هدفاً لانتقادات إعلامية وبرلمانية وحقوقية بسبب تصريحاته المتناقضة وفتاواه المثيرة للجدل، إذ أصدرت جبهة علماء الأزهر بياناً حاداً بعنوان «إلى فضيلة المفتي الذي ضلّ سعيه في الحياة الدنيا»، جمعت فيه الفتاوى المثيرة للجدل لجمعة واتهمته بأنها كانت «سبيله للوصول إلى كرسي مشيخة الأزهر».
واتهم بيان الجبهة المفتي بمحاولة التستر على جريمة قتل المواطنة رضا بكير شحاتة، بعدما ثبت للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان أنها قتلت بسحلها أمام عجلات سيارة ميكروباص تضم ستة أفراد من قسم شرطة المصرية شرق القاهرة الأحد الماضي.
وقال البيان إن «الشرطة تقتل سحلاً بينما يعدّ فضيلة المفتي نفسه للمنصب الجديد بأقبح فتوى. لقد كنت جندياً من جنود إبليس فارتقت بك الحال حتى صار إبليس من جندك. وإمعاناً منك في التضليل، جعلت هذه الجريمة تصدر منك في صورة بيان حتى لا تسجل عليك في دفاتر الدار الرسمية، فتفعل بك الجبهة يوماً ما مثلما فعلت بشيخك في قضية الربا».