باريس ــ بسّام الطيارة
أمام تصعيد المعارضة النقابيّة في فرنسا لحركتها الاحتجاجيّة ضدّ سياسات الرئيس نيكولا ساركوزي «الإصلاحيّة» في الميادين الاجتماعيّة، ومع بدء الإضراب العام في قطاع المواصلات، الذي من المتوقّع أن يطول ويشلّ الحركة الاقتصاديّة جذرياً في البلاد، يصرّ الرئيس وفريق عمله على الذهاب نحو النهاية في معركة «كسر عظم» من المتوقَّع أن تكون نتائجها مصيريّة في تحديد صورة العهد الجديد الذي سيشغله سيد الإليزيه لـ 5 سنوات مقبلة.
وجدّد ساركوزي، أمس، تصميمه على «المضي قدماً في الإصلاحات الاجتماعيّة». وأعلن أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ «أنّ الفرنسيّين وافقوا على هذه الإصلاحات» لأنها كانت جزءاً من وعوده الانتخابية. وعندما سُئل الرئيس عن «الأسبوع الصعب الذي ينتظره»، في إشارة إلى التظاهرات المطلبيّة والطلابية التي يتمّ التحضير لها، أجاب «خمس سنوات صعبة تنتظرنا»، في إشارة ضمنيّة إلى سياسة القطيعة التي وعد بتنفيذها خلال ولايته التي تمتدّ خمس سنوات.
كذلك، أكّد رئيس الحكومة فرانسوا فييون، أمام البرلمان، «أنّ حكومته لن تتراجع» وسوف تكون حريصة على «حماية المنشآت العامّة وتأمين حرية العمل».
وترى النقابات أنّ «ساركوزي وحكومته يبحثان عن أزمة». ويقول أوليفييه بوزانسونو المرشّح السابق للرئاسة عن أقصى اليسار «إنّ ساركوزي هو الذي وحّد النقابات بإشعاله كلّ الأزمات في وقت واحد».
في المقابل، رأى الأمين العام للحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند أنّ «الفرص أُتيحَت أمام الحكومة للتسوية والحوار والحلّ، لكن رئيس الجمهورية سعى إلى اختبار قوة».
وكتبت صحيفة «لو فيغارو» اليمينيّة معلّقة على موقف ساركوزي «بانتصاره في الشارع سيكسب أو يخسر قدرته على المضي في الإصلاحات وتنفيذ القطيعة التي يدعو إليها منذ أكثر من سنة».
بدورها، رأت صحيفة «لا بروفانس» أنّ «رئيس الدولة راهن كثيراً على هذا النزاع الذي لا يشكّ في أنه سيخرج منه منتصراً، وبالتالي متفوّقاً سياسياً»، بينما رأت «ليبيراسيون» اليسارية أنّ ساركوزي «يجازف كثيراً، وخطر الشلل الاجتماعي قد يتحوّل إلى احتجاج عارم على أسلوب ساركو».
وقد انعكست أجواء المعركة مع النقابات على شعبيّة ساركوزي في استطلاعات الرأي، فهبطت سبع نقاط إلى ٥٤ في المئة من المؤيّدين خلال أقلّ من شهر. ورغم بقائه فوق خطّ الخمسين في المئة، إلّا أنّ الدخول في تفاصيل الاستطلاعات يفيد بأن الرأي العام الفرنسي لا يعطيه أكثر من ١١ في المئة من التأييد في ما يتعلّق بتحسين القوّة الشرائية، مقابل ٧٩ في المئة ممّن يعتبرون سياسته في هذا المجال «فاشلة».
ويرى البعض أنّ ضعف وغياب الأحزاب السياسية المعارضة، وخصوصاً الحزب الاشتراكي عن القيام بدور فعّال في معارضة تجابه مقترحات الحكومة داخل البرلمان، جعل النقابات في الصفّ الأوّل من المواجهة.
ويستعدّ الفرنسيّون لمواجهة أيّام من الفوضى في حركة المواصلات مع بدء إضراب جديد يشمل وسائل النقل ابتداءً من اليوم، احتجاجاً على مشروع إصلاح أنظمة التقاعد.
وسيستقبل وزير العمل كزافييه برتران قبل ساعات من موعد بدء الإضراب في السكك الحديد، وفداً من الكونفدرالية العامة للعمل (cgt)، كبرى نقابات وسائل النقل في البلاد، والتي يسيطر عليها اليسار. ويتوقّف موظّفو السكك الحديد عن العمل اعتباراً من مساء اليوم، على أن ينضمّ إليهم غداً سائقو قطارات المترو الباريسية وموظّفو شركتي الغاز والكهرباء.
وأعلنت شركة السكك الحديد الفرنسية «sncf» بدء الاضطرابات الكبرى في حركة النقل بدءاً من الغد مع تسيير تسعين قطاراً سريعاً فقط من أصل 700 في الشبكة الوطنية، وعدد ضئيل جداً من القطارات في المناطق والضواحي والمنطقة الباريسية.