القاهرة ــ الأخبار
«إنّه يوم أسود»، قال الرجل لدى ملاحظته انتشار الجنود بملابسهم السوداء في كلّ شبر من وسط القاهرة منذ الساعات الأولى من صباح أمس. لم يكن قد سمع خطاب الرئيس حسني مبارك في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشعب، وهو يتحدّث عن إعادة هيكلة الدعم الذي لم يعد النظام الحالي يراه مناسباً لأنّه «نظام ستينات»، وذلك فيما كانت الموسيقى العسكرية تعزف ألحاناً من أغاني الثورة في إشارة إلى أنّ الخيط الأخير في فكرة «رعاية الدولة» للمواطنين لم يعد له من بقايا سوى الأغاني.
مبارك أشار للمرّة الأولى إلى أنّ حكومته فشلت في إعادة هيكلة الدعم منذ 15 سنة، ولا بدّ بالتالي أن يدور حوار مجتمعي للاتفاق على نظام جديد. ما يعني، بحسب المراقبين، أنّه قرّر إلغاء الدعم نهائياً بعد سنوات طويلة من الإلغاء التدريجي، وهو ما يبشّر بأزمة مجتمعية وارتفاع جنوني في الأسعار سيكون كارثة على قطاعات عريضة من المجتمع.
العدالة الاجتماعية ستستمرّ، بحسب مبارك، في صدارة أولويّات مسيرة الإصلاح في مصر في المرحلة المقبلة إلى جانب الاهتمام بالمرأة وكذلك انحيازه إلى الفقراء ومحدودي الدخل.
كما دعا الحكومة إلى التقدّم بمشروع قانون يتعلّق بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية يكفل سلامة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وأمانها بعد قراره بخوض بلاده هذا المجال الحيوي. ورأى أن هذا البرنامج صار جزءاً لا يتجزّأ من «استراتيجية مصر الشاملة للطاقة وركناً هاماً من سياساتنا لتنويع مصادرها وتأمين إمداداتها».
وجدد مبارك تمسّكه بالحكم. وقال: «لقد قضيت عمراً في خدمة هذا الوطن وأبنائه وأقسمت يميناً من فوق هذا المنبر، أمام الله وأمام الشعب»، وأضاف: «لن أخذل أبداً هذا الوطن وشعبه، ولن أفرط في هذا القسم، لا أهتزّ ولا أتردّد أو أتراجع، ولا أخشى إلّا الله».
وتطرّق مبارك إلى الأوضاع في المنطقة، حيث أعرب عن تطلّعه لوفاق أبناء لبنان حول تحدّي الاستحقاق الرئاسي، متبنياً «وفاق وطني بعيداً عن أيّ تدخل خارجي يحقّق وحدة لبنان وشعبه ويقيهم منزلقات خطرة». وحذّر مجدداً من مغبّة شبح المواجهة الغربية مع إيران، مشيراً إلى أنّ «هذه المواجهة المتصاعدة تنحدر بالمنطقة إلى حافّة الهاوية وتحمل نذر شرور لنا ولمنطقتنا والعالم».
وشدد مبارك على ضرورة «إطلاق عملية سلام جادة وفق إطار زمني لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وتفتح الباب إلى سلام عادل وشامل بالمنطقة». كما نبه إلى أن الإرهاب يتربّص بالمنطقة لزعزعة الاستقرار فيها، عازياً ظاهرة الإرهاب إلى «الإحباط الناتج من عدم تحقيق السلام فى الشرق الأوسط». ولفت إلى أنّ أمن مصر يرتبط بأمن المنطقة في الخليج والبحرين المتوسّط والأحمر والقرن الأفريقي وكذلك بأمن الطاقة، معرباً عن أمله أن يكلّل اجتماع السلام المقبل في الولايات المتحدة بالنجاح.