القاهرة ــ الأخبار
لم يكن المهمّ فوز مرشح الرئيس المصري حسني مبارك بمقعد نقيب الصحافيين المصريّين، بقدر ما كان الموضوع متعلّقاً بتوجيه رسالة واضحة مفادها أنّ النقابة، التي «خطفتها» المعارضة طوال 8 سنوات كما تقول الصحف المتحدّثة باسم النظام، لا بد أن تعود

اكتسح مرشح النظام، مكرم محمّد أحمد، انتخابات نقابة الصحافيين المصريين، التي جرت أول من أمس، إذ نال 2389 صوتاً، فيما حصل أقرب منافسيه، مرشّح «تيّار الاستقلال»، رجائي الميرغني، على 1120 صوتاً.
ودارت معركة بين الصحافيّين والقضاة المشرفين على الانتخابات، عنوانها «أزمة الصناديق العشرة» التي أرادت اللجنة المشرفة فرزها خارج النقابة، ما اعتُبر «خطة تزوير» جاهزة لإسقاط الأعضاء غير المرغوب فيهم.
النتيجة ظلّت معلّقة حتى الساعات الأولى من صباح أمس، ومعها أعلنت ملامح مجلس لنقابة الصحافيين يسيطر عليه أعضاء من المؤسّسات الحكومية مع احتفاظ «الإخوان المسلمين» بمواقعهم، فيما مُني «تيّار الاستقلال» بهزيمة قيل إنّها كانت الهدف الأوّل من خطة الحكومة لاستعادة النقابة التي تمثّل إحدى أهم المؤسسات المشاغبة ضد النظام في مصر.
والللافت أنّ الفوز الكبير لمكرم كان بسبب حشد المؤسّسات الحكومية لصحافيّيها للتصويت له، والأهمّ التصويت ضدّ المجلس القديم. والانطباع العام هو أنّ الانتخابات كانت «انتصاراً للحكومة» وبداية عهد جديد سيحتاج فيه الصحافيون إلى أسلوب جديد في إدارة المعركة حول حريّة الصحافة التي يبدو أنّها «المستهدفة من السيطرة على النقابة». إلّا أنّ التدقيق في النتائج يشير إلى أنّه لم يكن سوى «نصف انتصار» للحكومة في هذه المعركة.
والنقيب الجديد «عصبي» و«منفلت في خصوماته». ورغم أنّه تتلمذ في صحيفة «الأهرام»، إلّا أنّ طول عمله ضمن فريق الصحافيّين المقرّب من الرئيس حسني مبارك جعله واحداً من طليعة «صحافة الرئيس». بدأ عمله الصحافي محرّراً في صحيفة «الأخبار» ثمّ مديراً لمكتب «الأهرام» في دمشق بين عامي 1959 و1960. وتحوّل مراسلاً عسكرياً في اليمن عام 1967، وبعدها رئيساً لقسم التحقيقات الصحافية في «الأهرام» حيث تدرّج حتى شغل منصب مساعد رئيس التحرير ثم مدير التحرير.
عام 1980، شغل مكرم، الحائز إجازة في الآداب (قسم الفلسفة) من جامعة القاهرة، منصب رئيس مجلس إدارة مؤسّسة «دار الهلال»، ورئيس تحرير مجلّة «المصوّر» ونقيب الصحافيين من عام 1989 حتى عام 1991، وبين عامي 1991 و1993. وتعرّض لمحاولة اغتيال على أيدي المتطرّفين عام 1987.
وعقب إعلان فوزه، أعرب مكرم عن اعتزامه «فتح صفحة جديدة» من العمل النقابي، يكون فيها الصحافيّون جميعاً تحت الراية المهنيّة لمواجهة جميع المشكلات التي تواجه المهنة والتي تحتاج إلى تضافر جهود كل الصحافيين، مشيراً إلى أنّه سيكون نقيباً لكل الصحافيّين من كل الاتّجاهات والقوى السياسيّة.
ولفت مكرم إلى أهميّة أن يكون انتماء الجميع داخل النقابة لمهنتهم أولاً وقبل الانتماء الحزبي، كما أكّد عزمه على تنفيذ ما ورد في برنامجه الانتخابي سواء بإلغاء عقوبات السجن أو بتقديم المزيد من الخدمات داخل النقابة ودعم عمليّات التدريب وغيرها من البنود التي شملها برنامجه. ورأى أنّ وحدة الصحافيين كانت على الدوام القوّة التي واجهت وتغلّبت على جميع الصعاب التي واجهت النقابة على مرّ تاريخها.