strong>ربى أبو عمو
العشائرية تهيمن على البرامج والمشاركة تشقّ الإسلاميّين

لا ينتظر الشعب الأردني أي مفاجآت أو تغييرات يمكن أن تتأتّى عن الانتخابات البرلمانية التي تجري اليوم، وخصوصاً أن درجة عالية من اللامبالاة تسيطر على الناخبين الأردنيين لعدم ثقتهم بنزاهة عملية الاقتراع ودور النواب في معالجة قضاياهم ومحاسبة الحكومة.
ويُتوقع أن يبقى البرلمان في أيدي نواب عشائريين ووسطيين وموالين للحكومة، في ظل قانون اقتراع يقلّل من تمثيل المدن، التي يكون فيها أداء المعارضين الإسلاميين والليبراليين أفضل حالاً.
هذا الشعور لا ينطبق فقط على العامة من الناس، بل يتعدى إلى مستوى المحلّلين السياسيين، الذين يرون أنه رغم احتدام المنافسة بين المرشحين، إلاّ أن النتائج لن تحمل مفاجآت من أي نوع، بل سيكون المجلس الجديد على غرار سابقه. ويتجلّى الأمر في تركيز المرشحين في حملاتهم الانتخابية على الأبعاد الخدماتية فقط، بينما تغيب البرامج السياسية والوطنية، ما يدلّ على تراجع الاهتمام بالقضايا السياسية.
ويرى محللون أن حال اللاتجديد ناتجة من قانون الانتخابات المؤقت الذي يمنح الناخب صوتاً واحداً لمرشح واحد. لكن لا يمكن اعتبار قانون الصوت الواحد المسؤول الوحيد عن الصورة السلبية أو التقليدية المتوقعة لمجلس النواب الجديد، إذ يرى مدير وحدة استطلاعات الرأي العام في مركز الدراسات الاستراتيجية، محمد المصري، أن «نوعية المرشحين (غالبية غير سياسية) لها تأثيرها المباشر على شكل المجلس الجديد».
ويعود بروز الدور العشائري في الانتخابات إلى طبيعة المجتمع الأردني وضعف مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب الأردنية عامة، باستثناء «جبهة العمل الإسلامي»، ومنع تشكيل الكتل لخوض الانتخابات على مستوى الوطن.
ويشكو بعض المرشحين النفوذ المالي وتأثيره على عمليات شراء الأصوات، وهو ما استغله مرشحون في لافتات تضمنت شعار «من يشترِ مواطناً يبع وطناً».
وعلى صعيد الأحزاب السياسية، تتجه الأنظار إلى الحركة الإسلامية التي قرّرت المشاركة في الانتخابات البرلمانية بـ22 مرشحاً، بعد طمأنات الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء معروف البخيت بـ«إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة». وكانت الحركة قد هدّدت بمقاطعة الانتخابات إذا لم يُشرف عليها مراقبون مستقلون، جراء التزوير الذي برز في الانتخابات البلدية أخيراً.
إلاّ أن قرار المشاركة خَلق أزمة داخل الحركة الإسلامية، كشف عنها غياب الأمين العام لحزب «جبهة العمل الإسلامي» زكي بني ارشيد عن الموتمر الصحافي لإعلان القائمة الانتخابية، ليستمرّ الخلاف بعد إعلان الحزب فصل خمسة من أعضائه تمرّدوا على قرار القيادة لخوض الانتخابات باسم عشائرهم.
وإلى جانب الحركة الإسلامية، أعلن التيار الديموقراطي، الذي يضمّ أحزاباً سياسية معارضة (الشيوعي والبعث التقدمي والحزب العربي)، عن 7 مرشحين إلى جانب آخرين فضّل تركهم لخياراتهم العشائرية، فيما أعلن حزب الوحدة الشعبية الديموقراطي الأردني عن مرشح واحد.
ويتنافس في الانتخابات نحو 889 مرشحاً، بينهم 203 نساء، إذ يمنح القانون النساء كوتا من ستة مقاعد من أصل 110 مقاعد تؤلّف مجلس النواب. ويصعب أن تحقّق المرأه الفوز بأي مقعد نيابي بالتنافس الحر، إذ لم يحدث ذلك إلا مرة واحدة في عام 2003، جراء فوز توجان الفيصل التي كانت أوّل أردنية تدخل مجلس النواب.
ويرى الرئيس السابق للجنة القانونية في البرلمان الأردني، حسين مجلي، أن المعارضة داخل البرلمان ستكون محدودة وغير مؤثرة. أما المعادلة الداخلية فهي أن المعارضة ستتمكن من قول ما تريد في مقابل قدرة الحكومة على فعل ما تريد من دون الخوف من حجب الثقه عنها، أو محاسبتها.
ولا يزال المجلس المنتخب يمتلك القليل من الصلاحيات، إذ تقدّم الحكومة معظم مشاريع القوانين، إلا أنها نادراً ما تعرّضت للرفض أو اللوم، وهو ما يرده محللون إلى غياب الممارسة الديموقراطية انطلاقاً من العملية الانتخابية التي يغيب عنها تنافس البرامج، ليصبح المعيار مدى التقرّب من النظام، الذي غالباً ما تكون له كلمة السر في رسم تشكيلة المجلس النيابي، مع الأخذ بالاعتبار نسبة للإسلاميين لا تسمح لهم بالهيمنة على القرار التشريعي، ولا سيما أن الحكومة الأردنية تخشى تصاعد الحركة الإسلامية، وفي الوقت نفسه لا تريد تكرار تجربة مصر مع «الإخوان المسلمين».