strong>التوعّد الروسي بالردّ على التهديدات الغربيّة المتزايدة، والمتمثّلة أساساً بمنظومة الدفاع الصاروخية الأميركيّة، ليس جديداً. غير أنّه يكتسب نبرة تزداد حدّتها يومياً، حيث أطلق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين أمس تحذيراً جديداً لدول حلف شمالي الأطلسي، ذكّرها فيه بأنّ «روسيا لن تبقى مكتوفة الأيدي»
أعرب الرئيس فلاديمير بوتين أمس عن الأسف لأنّ مقترحات موسكو في شأن إنشاء منظومة موحّدة للدفاع المضاد للصواريخ تتيح لكل المشاركين فيها الوصول إلى إدارتها، بقيت من دون رد. وحذّر من أنّ موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي أمام توسيع القدرات العسكرية لحلف شمالي الأطلسي عند حدودها، مشيراً إلى أنّ انسحابها من «معاهدة القوّات التقليديّة» في أوروبا يأتي في هذا السياق.
وفي كلمة ألقاها في اجتماع لقيادات القوات المسلّحة الروسية في وزارة الدفاع، قال بوتين إنّه «في اختراق لاتّفاقيّات مسبقة، تنشر الدول التابعة لحلف شمالي الأطلسي ترسانات عسكريّة قرب حدودنا، وبالطبع لا يمكننا السماح لأنفسنا بالبقاء غير مبالين لهذا التمدّد العضلي الواضح».
وفيما أشار بوتين في تحذيراته إلى منظومة الدفاع الصاروخيّة التي تنوي الولايات المتّحدة نشرها في تشيكيا وبولندا، أوضح أنّ انسحاب بلاده من المعاهدة المذكورة، الذي سيدخل حيّز التنفيذ في 12 من الشهر المقبل، هو جزء من الردّ الروسي على ذلك الإجراء، بحكم أنّ جميع الدول الأعضاء في «الأطلسي» والمحكومين بتلك المعاهدة لم يوقّعوا على نسختها المعدّلة. وقال: «لن نراقب أيّ التزامات بأحاديّة، فشركاؤنا لم يلتزموا بالنسخة المعدّلة من المعاهدة، والبعض منهم لم يوقّعها حتّى. هل يجب علينا التصرّف بأحاديّة لسنوات؟» مقبلة، علماً بأنّ المعاهدة عدّلت عام 2004، ولم توافق عليها الدول التي أشار إليها بوتين، على قاعدة مطالبة روسيا بالانسحاب عسكرياً من جورجيا والإقليم المولدوفي الانفصالي، ترانس ـــــ دنايستر.
وتطرّق بوتين إلى الوضع في مناطق العالم غير المستقرّة، مشيراً إلى بقاء التهديدات الصادرة عن بعض الجماعات الإرهابية المتطرّفة. وشدّد على أهميّة تعزيز الاستعداد القتالي للقوّات النوويّة الاستراتيجية الروسية، والردّ على أيّ عدوان بشكل مناسب.
من جهته، رأى رئيس الأركان العامّة للقوات المسلّحة الروسيّة، الجنرال يوري بالويفسكي، أنّ على بلاده ألا تستعجل في الانسحاب من معاهدة إزالة صواريخ المدى المتوسّط والقصير، لأنّ من الضروري إشراك دول أخرى فيها. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عنه قوله: «لدينا منظومات صواريخ جيّدة، بما فيها منظومة إسكندر التي يصل مداها إلى 500 كيلومتر».
في هذا الوقت، يستمرّ التحضير للانتخابات النيابيّة التي ستشهدها روسيا في الثاني من الشهر المقبل، في ظلّ استياء المعارضة من التضييق الإعلامي الذي تفرضه السلطة. وتقول رئيسة مركز حقوق الصحافيين في فورونيج (500 كيلومتر جنوب موسكو)، غالينا أراربوفا، لدى إشارتها إلى التعليقات النقديّة على سير العمليّة الانتخابيّة، «أن يكتبوا عن الانتخابات؟ لكن لا يحق لهم بذلك!». وتذكّر بقانون أُقرّ بعد الانتخابات التشريعية عام 2003، يحظّر على الصحافيّين الكتابة عن المرشّحين بطريقة قد تجعلهم يبدون مناسبين أو غير مناسبين.
ومن جهته، يقول المسؤول في الجمعيّة البرلمانيّة التابعة لمجلس أوروبا، لوك فان ـــــ دنبراند، مبدياً أسفه خلال زيارة قام بها أخيراً إلى موسكو، إنّه «فيما ينصّ القانون الانتخابي الروسي على تغطية إعلاميّة متساوية لجميع اللاعبين السياسيّين، فإنّ الحزب الحاكم (روسيا الموحّدة) يهيمن على المشهد السمعي البصري». ويوافقه الرأي رئيس مركز الصحافة في الأوضاع الخطيرة في موسكو، أوليف بانفيلوف، الذي يشير إلى أنّه «في ظلّ مثل هذا التلفزيون، لا يمكن أن تجري انتخابات ديموقراطية».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)