القاهرة ــ الأخبار
النظرة إلى مؤتمر أنابوليس قبل أسبوع من انعقاده باتت قيد الأمر الواقع، وهو ما أظهره التغيّر في موقف الرئيس المصري حسني مبارك من المؤتمر الدولي، الذي انقلب فجأة من التشاؤم إلى التفاؤل، رغم أن أي تغييرات لم تطرأ على مواقف الأطراف

تراجع الرئيس المصري حسني مبارك، أمس، عن تشاؤمه من المؤتمر الدولي للسلام المقرّر في أنابوليس الأسبوع المقبل، معلناً تطلعه إليه وأمله في أن يسهم بتحقيق السلام عام 2008، وهو ما شاركه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، الذي أقرّ، في الوقت نفسه، بصعوبة تحقيق السلام قبل إنهاء حكم «حماس» في قطاع غزة، والتي اتخذها مبرراً للإعلان عن استمرار العدوان على القطاع.
وفسّر مراقبون مصريون «تطلع» مبارك إلى المؤتمر بأنه قد يعني احتمال مشاركته شخصياً في أعماله، على عكس ما كان قد أعلنه وزير الخارجية أحمد أبو الغيط أول من أمس بأنه قد يرأس الوفد المصري إلى أنابوليس. كما رأى محللون أن تغيير لهجة مبارك تجاه المؤتمر قد يكون في إطار «صفقة» تخفف بموجبها الإدارة الأميركية تهديدها بخفض المعونة والنقد العنيف لتدهور أحوال الديموقراطية في مصر.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع أولمرت، قال مبارك «إنني أتطلع إلى نجاح الاجتماع الدولي في أنابوليس في إطلاق مفاوضات سلام جادة تتناول قضايا الوضع النهائي في إطار زمني محدد ووفق آلية للمتابعة متفق عليها». وتابع «إن مشاوراتنا تأتي قبل أسبوع من الاجتماع الدولي حول السلام، ولكي يسفر عن نتائج ملموسة تكسر جمود عملية السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، وتفتح الطريق لإحراز تقدم مماثل على باقي المسارات». وقال «لا أحد يستطيع أن يغفل المبادرة العربية وسيتم الرجوع إليها».
ورأى مبارك أن اجتماع «أنابوليس بداية لمفاوضات جادة»، مضيفاً أن «المفاوضات بدأت بالفعل منذ فترة. وأتمنى نجاح هذه المفاوضات في غضون عام، كما أبلغتنا وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية» كوندوليزا رايس. وأعرب عن اعتقاده بأن سوريا ستبعث وزير خارجيتها وليد المعلم للمشاركة في المؤتمر الدولي.
وبدا أن أولمرت قد نجح في الحصول على وعد رسمي من مبارك بتكرار زيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس المحتلة، إذ أبدى الرئيس المصري، الذي لم يقم حتى الآن بأي زيارة رسمية إلى إسرائيل، استعداده للقيام بمثل هذه الزيارة «إذا كانت هذه الزيارة تساهم في تسوية المسألة الفلسطينية». وقال «لو كانت زيارتي إلى إسرائيل ستحل المشكلة الفلسطينية، فأنا مستعد للذهاب».
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي «منذ 30 سنة زار (الرئيس الراحل أنور) السادات الكنيست ودعا إلى مبادرة السلام بين الجانبين، وأثبت أنه من الممكن تغير التاريخ بصورة كبيرة». وعبّر أولمرت عن أمله في التوصل إلى اتفاق «نهائي» مع الفلسطينيين عام 2008، لكنه رأى «أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مستمر منذ 60 عاماً، ولن تحل هذه الأزمة خلال يوم أو يومين، ومن الطبيعي أن يكون هناك خلافات في الرأي». وأضاف «يجب أن يكون واضحاً أنه لن يتم تنفيذ الاتفاق الذي يمكن التوصل إليه إلا بتنفيذ اتفاق خريطة الطريق».
ودعا أولمرت الدول العربية إلى دعم مؤتمر أنابوليس، مشيراً إلى أنه «سيأخذ بالاعتبار مبادرة السلام العربية». وقال «إننا نتواجد الآن قبل أسبوع من عقد مؤتمر أنابوليس، وأرغب في أن أوضح أن هذا المؤتمر يعدّ بداية للمفاوضات وليس نهايتها، وأرجو أن يعلم العالم العربي كله أن المفاوضات ستتناول كل القضايا الرئيسية من أجل التوصل إلى إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية».
في المقابل، تعهد أولمرت بمواصلة الاجتياحات واستهداف المقاومة في قطاع غزة. وقال إن «إسرائيل ستواصل عملياتها ضد الإرهابيين من حركة حماس الذين يحاولون التسلل إلى أراضيها للقيام بعمليات إرهابية».
ورداً على سؤال بخصوص الجهود المصرية لوقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، قال مبارك «إن هذه العملية ليست بالبسيطة. إننا نبذل مجهوداً كبيراً لمنع نقل الأسلحة من إسرائيل أو إليها. لقد ضبطنا كمية كبيرة من الذخائر بالأطنان، ولكن لم نعلنها لأسباب أخرى، إننا لا نتساهل مع هذه القضية».
وفي السياق، أعلن مصدر دبلوماسي إسرائيلي أن مصر طلبت إعادة التفاوض حول معاهدة السلام الموقّعة مع إسرائيل من أجل نشر مزيد من القوات المصرية على طول الحدود مع قطاع غزة، لكنه أضاف أن إسرائيل «مترددة جداً» في الموافقة على ذلك.