القاهرة ــ خالد محمود رمضان
اتصالات مع رايس لإدراج الجولان في جدول الأعمال... ودمشق تنتظر «رداً رسمياً»

«من دخل أنابوليس فهو آمن، ومن شارك في أعماله فهو آمن». شعار تبنّاه ضمناً أمس، وزراء خارجية لجنة المبادرة العربية للسلام خلال اجتماعهم الطارئ في القاهرة، والذي أثمر إجماعاً على المشاركة العربية على مستوى وزارء الخارجية، يتقدمهم الأمير سعود الفيصل، فيما لم تحسم دمشق أمر حضورها، رغم إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن واشنطن وافقت على إدراج الجولان المحتل على جدول أعمال المؤتمر الدولي للسلام.
وشهدت الساعات التي سبقت القرار العربي، سلسلة من الاتصالات السرية والعلنية بين عدد من وزراء الخارجية العرب، وخصوصاً المصري أحمد أبو الغيط والسعودي سعود الفيصل ونظيرتهما الأميركية كوندوليزا رايس، في محاولة لحثها على الرد الإيجابي والسريع على رسالة عربية جماعية مفادها أن سوريا لن تشارك في مؤتمر أنابوليس ما لم يكن ملف الجولان حاضراً على جدول أعماله.
ورغم أن الردّ الرسمي الأميركي لم يصدر، فإن «تأكيدات» رايس بإدراج الجولان على جدول الأعمال كانت كفيلة بإعلان الفيصل، خلال مؤتمر صحافي مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، مشاركة بلاده في مؤتمر أنابوليس المرتقب عقده الثلاثاء المقبل «لتفعيل مفاوضات السلام في الشرق الأوسط».
وقال الفيصل «قررت لجنة متابعة السلام العربية قبول الدعوة إلى حضور مؤتمر أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط على مستوى وزاري». ورداً على سؤال عن إمكان حضوره المؤتمر ومصافحة نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني، قال الفيصل إنه سيحضر، لكن «نحن غير مستعدين أن نكون جزءاً من عمل مسرحي في الاجتماع. المصافحات واللقاءات التي لا تعبر عن الموقف السياسي نحن غير مستعدين لها. نحن ذاهبون إلى هناك بجدية ونأمل أن نقابل بالجدية والصدقية نفسها». وأضاف «لن نذهب إلى هناك لنصافح أحداً أو نبرز عواطف لا نشعر بها. لن تكون هناك مصافحات. ولن يضع بعضنا الطعام في أفواه البعض الآخر».
وقال الفيصل إن الموقف السعودي من المشاركة بالمؤتمر «كان متردداً إلى اليوم ولولا الإجماع العربي الذي لمسناه اليوم للحضور لما حضرنا. المملكة العربية السعودية سوف تسير مع إخوانها صفاً واحداً».
وأوضح الفيصل أن قرار المشاركة العربية اتخذ لاختبار نوايا إسرائيل. وقال «سنحضر لنقطع الشك باليقين. فإن كانت هناك جدية من جانب اسرائيل، فسوف تكون هناك جدية من الجانب العربي. وإن لم يكن، فليس هناك سيوف مصلتة على رؤوسنا لنقبل» ما لا نريده. وشدّد على أن العرب «سيذهبون إلى أنابوليس كتلة واحدة بموقف عربي موحد، ولن يكون هناك انقسام في الموقف العربي».
ورداً على سؤال عما اذا كانت مشاركة السعودية في المؤتمر الذي ستحضره اسرائيل يمكن أن تضعف الموقف العربي، قال الفيصل «ما هي الخشية من وجود اسرائيل. من الأفضل أن تكون موجودة لتسمع الموقف العربي».
بدوره، أكد موسى أن مؤتمر أنابوليس ليس لعقد اتفاق. وقال «ليس هناك اتفاق في أنابوليس. هناك إطلاق لعملية سلام». واستبعد أن تكون هناك حميمية في المؤتمر قائلاً إن «الحميمية لا يزال أمامها بعض الوقت. بل لا يزال أمامها وقت طويل».
ورفض الفيصل وموسى وصف الحضور العربي في مؤتمر أنابوليس بأنه تطبيع. وقال موسى «ليس هناك تطبيع بل حركة في اتجاه السلام»، فيما قال الفيصل إن «التطبيع تحكمه المبادرة العربية، وهذا ما تلتزم به الدول العربية. التطبيع يتبع السلام الشامل».
ورداً على سؤال عن مشاركة سوريا في المؤتمر، قال موسى إن «وزير الخارجية السوري (وليد المعلم) كان موجوداً والنقاش كله جرى بيننا جميعاً والقرار قرار إجماعي». وأضاف «هناك ترتيبات أخيرة يجب إجراؤها»، مشيراً إلى أن الهدف من المشاركة العربية في المؤتمر ليس بحث الصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي فحسب بل التوصل إلى تسوية شاملة للقضايا العربية الأخرى أيضاً.
ووفقاً لموسى، فإن وزراء الخارجية العرب سيلتقون في واشنطن عشية انعقاد المؤتمر من أجل الاتفاق على الموقف النهائي.
أما المعلم فقال من جهته، للصحافيين بعد الاجتماع، إن رايس «وعدت بردّ إيجابي» على طلب الوزراء العرب إدراج ملف الجولان صراحة على جدول أعمال الاجتماع الدولي. وأضاف «لا نزال في انتظار رد رسمي، وإذا كان ايجابياً فإن سوريا ستشارك»، موضحاً أن وعد رايس جاء خلال اتصالات هاتفية اجراها معها الفيصل وموسى ووزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد شرح للوزراء العرب الأوضاع على المسار الفلسطيني. وقال «أبلغتهم أن أمامنا فرصة تاريخية نودّ أن نستغلّها ونريد أن نرفع صوتنا العربي عالياً وأن نستفيد من هذه الفرصة أمام المجتمع الدولي في المؤتمر الذي يضم أكثر من خمسين دولة ومؤسسة دولية».
وجاء القرار العربي بعد قمة ثلاثية عقدت أول من أمس في منتجع شرم الشيخ بين الرئيسين المصري حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس والملك الأردني عبد الله الثاني. وأعلن القادة الثلاثة «تفاؤلهم» بأن اجتماع أنابوليس سيفتح الطريق لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني والعربي في سلام شامل.
وفي السياق نفسه، قال أبو الغيط لصحيفة «هآرتس» أمس، إنه إذا قامت إسرائيل بدفع العملية السلمية إلى الأمام في أعقاب مؤتمر أنابوليس، فإن الدول العربية ستتخذ خطوات إيجابية تجاهها.
نحن غير مستعدّين أن نكون جزءاً من عمل مسرحي في الاجتماع. المصافحات واللقاءات التي لا تعبّر عن الموقف السياسي نحن غير مستعدين لها. نحن ذاهبون إلى هناك بجدية ونأمل أن نقابل بالجدية والصدقية نفسها. لن نذهب إلى هناك لنصافح أحداً أو نبرز عواطف لا نشعر بها. ولن تكون هناك مصافحات. ولن يضع بعضنا الطعام في أفواه البعض الآخر