عاد أمس الحديث عن الغارة الإسرائيلية على سوريا في السادس من أيلول الماضي، وتجدّدت معه التكهنات عن هدف الضربة، التي قال خبير إسرائيليّ إنها دمرت مصنعاً لصنع قنبلة نووية، فيما كشفت مصادر أميركية أن غارة على مركز رادار سوري سبقتها، وأن واشنطن زوّدت تل أبيب بمعلومات عن أنظمة الدفاع الجوي السورية.واستبعد أستاذ الكيمياء في جامعة تل أبيب، عوزي إيفن، أن يكون الموقع المستهدف مفاعلاً نووياً كوري الصنع، مشيراً إلى أن صور الأقمار الاصطناعية التي سبقت الغارة الجوية لا تظهر «أبراج التبريد والمداخن التي تميّز المفاعلات النووية». وأضاف إن غياب هذه العلامات أقنعته بأن «المبنى كان يضمّ شيئاً آخر».
وأشار الخبير الإسرائيلي، لوكالة «أسوشييتد برس»، إلى أن ما يدحض نظرية المفاعل النووي هو أن الصور لا تظهر منشآت «فصل البلوتونيوم التي تحضّر الوقود لمثل هذه المفاعلات». وأضاف إنه من الصعب جداً إخفاء مثل هذه المنشآت، موضحاً أنه في مفاعل يونغ بيون الكوري الشمالي «يمكن رؤية كل هذه العلامات الغائبة عن المنشأة السورية، فهناك المداخن وفتحات التهوية وأبراج التبريد».
وقال إيفن، الذي عمل سابقاً في مفاعل ديمونا الإسرائيلي، إن «مسارعة السوريين إلى دفن الموقع تحت أطنان من التربة يرجّح أن الموقع كان مخصصاً لتصنيع القنبلة النووية، وأن السوريين كانوا يخشون تسرّب جرعات من الإشعاعات بعد الغارة الإسرائيلية». وأضاف «هناك جهد لإخفاء ما بقي من المنشأة».
وفي السياق، كشفت مصادر عسكرية في واشنطن أن القوات الإسرائيلية عطّلت كل أجهزة الدفاع الصاروخي في سوريا أثناء غارة أيلول الماضي، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة زودت إسرائيل بمعلومات تتعلق بأنظمة الدفاع الجوي السوري قبل الهجوم وخلاله.
ونقلت أسبوعية «أفياشن ويك آند سبايس تكنولوجي» الأميركية عن مسؤولين عسكريين ومختصين في الصناعات الفضائية قولهم إن الطائرات الإسرائيلية أرادت «التحليق فوق سوريا من دون تنبيه الدفاعات الصاروخية السورية». وأشارت إلى أن الغارة سبقها «هجوم على موقع رادار سوري في تل الأبيض قرب الحدود التركية».
وأشار محلّلون استخباريون أميركيون إلى أنه «تم استهداف موقع الرادار هذا بهجوم إلكتروني وقنابل ذكية من أجل السماح للقوات (الجوية) الإسرائيلية بالدخول إلى الأجواء السورية والخروج منها من دون أن يتم اكتشافها». وأضافوا إنه «جرى في وقت لاحق تعطيل نظام رادار الدفاع الجوي السوري لفترة من الوقت شملت (الوقت الذي استغرقته) الغارة».
وكشف هؤلاء أن «الولايات المتحدة زودت إسرائيل بمعلومات تتعلق بالدفاع الجوي قبل الهجوم الإسرائيلي». وأوضحوا أن «الولايات المتحدة كانت تراقب الانبعاثات الإلكترونية من سوريا خلال الهجوم الإسرائيلي»، مشيرين إلى أنه «في الوقت الذي لم تكن فيه هناك مشاركة أميركية نشطة في العملية، تم تقديم النصح».
وأوضح محلّلون أميركيون أن أحد عناصر هذا «الهجوم الإلكتروني» تمثل بتشويش هائل، ورأوا أن «اعتماد أنظمة الدفاع الصاروخي السورية حتى الآن على أنظمة اتصالات «إتش أف» و«في أتش أف» تجعلها غير حصينة».
وعبّر هؤلاء المحللون عن اعتقادهم بأنه «لم يتم إغلاق أي من شبكات الكهرباء في سوريا»، لكنهم رأوا أن «اختراق الشبكة (الرادارات السورية) تم من خلال هجوم إلكتروني جو ـــــ أرض واختراق من خلال الصلات التي تربط أجهزة الكومبيوتر».
إلى ذلك، قال أحد المختصين الأميركيين في مجال الاستخبارات إن تعطيل شبكة الدفاع الجوي السوري تم أيضاً «من خلال بعض الاختراقات غير التكتيكية العالية المستوى»، مشيراً إلى أن هذه الاختراقات «كانت إما مباشرة أو على شكل تضليل أو استهزاء بقدرة القيادة والسيطرة السورية من خلال هجوم عبر الشبكة (البث الإلكتروني والإذاعي)».
وأوردت الأسبوعية الأميركية أن القدرات الإلكترونية للجيش الإسرائيلي محاطة بقيود من السرية. لكنها نقلت في هذا الإطار عن مسؤولين حكوميين وفي الجيش الإسرائيلي تأكيدهم أن «الاجتياح عبر الشبكة والمعلومات الحربية والقيام بهجوم إلكتروني هي جزء من قدرات إسرائيل الدفاعية».
(أ ب، يو بي آي)