مهدي السيد
استخفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس بالنتائج المرتقبة لمؤتمر أنابوليس، ورأى محللو «هآرتس» و«معاريف» و«يديعوت أحرونوت» أنه لن يحقق نتائج ملموسة، سوى ما سيحفل به من عمليات لالتقاط للصور التذكارية للمشاركين، وللسياحة الشتوية التي سيقومون بها في واشنطن وضواحيها

رأى محلل الشؤون السياسية في صحيفة «هآرتس»، الوف بن، أن بالإمكان تسمية مؤتمر أنابوليس «مؤتمر الإجماع»، لأن جميع «الخبراء والمحللين والسياسيين في إسرائيل وفي السلطة الفلسطينية وفي الولايات المتحدة، يرون أنه حدث احتفالي لن يخرج منه شيء، وخصوصاً أن الجميع يرون في (رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود) أولمرت و(الرئيس الفلسطيني محمود) عباس و(الرئيس الأميركي جورج) بوش، شخصيات ضعيفة أكثر مما ينبغي، ولن تنجح في إيجاد حل في الوقت القصير الباقي لولايتهم».
وأضاف بن أن «اللامبالاة الجماهيرية في إسرائيل، وتجاهل وسائل الإعلام فيها (للمؤتمر)، يظهران تأكيداً للفشل، فالمؤتمر لن يُسهم في حده الأقصى إلا في تعزيز السياحة الشتوية إلى واشنطن وضواحيها»، مشدّداً على أن الأسباب الموجبة للتشاؤم الذي يبديه تتمثل في «الصعوبات التي ظهرت في المحادثات التمهيدية قبل المؤتمر، والتي تدل على تشديد الطرفين على مواقفهما وإصرار كل منهما على وجوب تنازل الآخر، بينما يركز الأميركيون على الشكل الذي سيخرج فيه المؤتمر عدم التعمق في الجوهر».
وشدد بن على أن العام المقبل لن يشهد تحقيقاً للتسوية الدائمة بين إسرائيل والفلسطينيين، بل «لن يشهد «اتفاق رف» يمكن تأجيل تنفيذه، وخصوصاً أن «إسرائيل تشعر بأنها قوية بما يكفي كي تواصل سيطرتها على المناطق (الفلسطينية المحتلة) والإبقاء على المستوطنات، بينما تشعر حركة فتح بضعفها أكثر مما ينبغي، ما يمنعها من التنازل عن حق العودة، وهو وضع لا يمكن معه التوصل إلى اتفاق».
وتساءل بن عن السبب الذي يدفع أولمرت إلى أنابوليس، وهو يعلم كما الجميع، أنه لا جدوى من المؤتمر، فيجيب أن «بوش دعا أولمرت، ولا يقال لبوش لا، إضافة إلى أن لإسرائيل مصلحة في الحوار مع جيرانها وتقليص الاحتكاك مع الفلسطينيين، كما أن من المفيد منح حكم محمود عباس الأوكسيجين، والأمل بقدوم أيام أفضل»، مشدّداً على أن «السبب الأكثر (دفعاً) لإسرائيل للمشاركة في المؤتمر هو أنها معنية بإقامة جبهة دولية ضد إيران ومؤيديها في المنطقة، لكن ليس من دون ثمن، وعلى إسرائيل أن تدفع هذا الثمن من خلال استعدادها للانسحاب من المناطق (الفلسطينية)، وهو ثمن مناسب وزهيد، وأولمرت مستعد كي يدفعه بسرور».
وشارك المحلل السياسي لصحيفة «معاريف»، بن كسبيت، ألوف بن تشاؤمه، متوقّعاً أن «يدخل مؤتمر أنابوليس التاريخ، لا مؤسِّساً للسلام والمصالحة الإقليمية، بل مناسبةً لالتقاط الصور». ورأى أن «المحادثات بين أولمرت وأبو مازن، وصلت إلى تفاهمات واتفاقات كاملة، ولم يبق سوى تذييلها بالتواقيع، لكن أولمرت سقط (في الاختبار)، فعندما يحتاج القائد إلى اتخاذ قرار بين عمل بطولي قد يؤدي إلى خسارته للسلطة، ومواصلة التربع على الكرسي، فإنه يختار الاحتمال الثاني، وهذا ما قام به أولمرت».
وأضاف كسبيت أن «المؤتمر، باستثناء الخطابات والبيان المشترك، لن يحفل بكثير من النتائج، سوف نسافر إلى أنابوليس، ونسمع الخطابات الجميلة، ونراهم يتصافحون، وربما جرى تسريب خبر أن مقرباً من أولمرت التقى صدفة في الممرات بمساعد صغير للقائم بأعمال السفير السوري».
ووصّف كسبيت اليوم الذي يلي مؤتمر أنابوليس، فرأى أن «الفلسطينيين يريدون البدء بالمفاوضات فوراً، وتحديد موعد نهائي واضح قبل نهاية ولاية بوش، بينما تريد إسرائيل موعداً غامضاً، أي إنها لا تريد تقييد نفسها بمواعيد مقدسة لها، إضافة إلى أن أفيغدور ليبرمان يهدد بأنه في حال بدء المفاوضات من دون أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل دولةً يهودية فإنه سينسحب من الائتلاف الحكومي».
من جهته، أشار ناحوم برنياع في صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى الكلمة المرتقبة للرئيس الأميركي في المؤتمر. وشدّد على أنها «لن تكون سهلة على السامعين الإسرائيليين، وخصوصاً أنه سيدعو إلى إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال وعودة إسرائيل إلى حدود عام 1967، مع إمكان تبادل أراضي».
ورأى برنياع أن صعوبات كثيرة جداً ستواجه أولمرت في الساحة الداخلية الإسرائيلية لدى عودته من أنابوليس، إذ عليه أن «ينفذ أمراً من اثنين، إما تجسيد الوعود التي ستقطع في أنابوليس، وإما (أزمة حكومية مع) ليبرمان وشاس، إما إخلاء المستوطنات بواسطة حكومة ضيقة، أو تجميد الوعود وإبقاء الائتلاف الحالي، والأمران لن يسيران معاً».
وتابع برنياع أنه «غداة أنابوليس، ستضطر الحكومة لاتخاذ قرار في ما يجب عمله في غزة. فهي لا تستطيع أن تضبط نفسها لمدة طويلة إزاء إطلاق صواريخ القسام وتعاظم قوة حماس العسكرية في القطاع، إذ إن ما عرقل القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق حتى الآن هو الخشية من سقوط ضحايا والتورط على الطريقة العراقية (في غزة)، إضافة إلى الخشية من عرقلة العملية السياسية» ومؤتمر أنابوليس. وأشار إلى أن عملية عسكرية في غزة «تلقى قبولاً من أولمرت وباراك وليفني، المقتنعين بأنها ستساعد أبو مازن أكثر مما تضره، وتعيد غزة إلى حكم السلطة الفلسطينية، وأبو مازن إلى هناك على أكتاف الجنود الإسرائيليين، ذلك أنه لا امل، رغم عدم الارتياح، بدولة فلسطينية من دون ربط الضفة بغزة، ولن يحصل هذا إلا من خلال عملية إسرائيلية».