strong>لم يخفف الانقسام الدولي حول صدقية تقرير
الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شأن البرنامج النووي الإيراني، من حدة الخلافات الداخلية في النظام الإسلامي، ولا سيّما أن بعض أقطاب الاصلاح والاعتدال يحاولون توظيف نقدهم لسياسة الحكومة في معركتهم الانتخابية التشريعية في آذار المقبل
ختتمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، اجتماعها، الذي استمر يومين في فيينا، ببيان حثَّ طهران على تعليق تخصيب اليورانيوم، فيما استعر الخلاف الداخلي الإيراني وسط انتقادات لسياسة الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وقالت صحيفة «جمهوري إسلامي» الإيرانية المحافظة في افتتاحيتها، أول من أمس، إن «المناخ العام في البلاد تهيمن عليه الدعاية ضد أشخاص»، مضيفة «لا يجوز أن يكون شخص في الوقت نفسه متهماً وقاضياً ومقرراً، مهما كان منصبه»، وذلك في انتقاد إلى نجاد بعدما تحدث عن ضغوط سياسية يتعرض لها القاضي الذي ينظر في ملف «جاسوس في المجال النووي» هو المفاوض النووي السابق حسين موسويان.
ونقلت الصحيفة عن كبير المفاوضين النوويين الأسبق حسن روحاني، القريب من الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، قوله «لا يمكن للمرء أن يلغي خصومه، ولا يمكنه أن يصف خصومه بأنهم أعداء. لا يمكن إدارة بلد بثلاثة أو بعشرة أشخاص فقط، ينبغي استخدام كل القدرات».
أما الرئيس السابق محمد خاتمي فقد طالب من جهته، خلال خطاب أمام آلاف الأشخاص في مشهد (شمال شرق)، بالإفراج عن ثلاثة طلاب في إحدى جامعات طهران أوقفوا لإصدارهم رسوماً كاريكاتورية، اعتبرت مسيئة إلى القيم المقدسة، في نشرات طالبية.
وكرر خاتمي انتقاده للسياسة الاقتصادية لنجاد. وقال «ندعم القضاء. لكن القضاء ليس مرادفاً لتوسع الفقر».
غير أن ممثل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية في المجلس الأعلى للأمن القومي، علي لاريجاني، شدد، في حديث إلى تلفزيون القناة الثانية الرسمية، على أن «كل الجهات والمسؤ‌ولين السياسيين متفقون في شأن ملف إيران النووي، ولهم وجهة نظر واحدة واستراتيجية محددة. لكن تختلف وجهات نظرهم في بعض الأحيان من الناحية التكتيكية».
وفي فيينا، كان الملف الإيراني الأبرز على جدول أعمال اجتماع نهاية العام لمجلس حكام وكالة الطاقة، الذي يضم 35 عضواً، والذي بدأ الخميس، فيما تركزت النقاشات على تقرير المدير العام للوكالة محمد البرادعي، الذي أشار إلى رغبة إيران في التعاون في شأن التحقيق المستمر منذ أربع سنوات حول حجم وطبيعة البرنامج النووي الإيراني.
وقد ظهرت انقسامات واضحة في مجلس الحكام حول الطريقة الأفضل لإقناع إيران بوقف تخصيب اليورانيوم، في وقت أصرّت فيه واشنطن وحلفاؤها على فرض سلسلة ثالثة من العقوبات على طهران عبر استصدار قرار جديد في مجلس الأمن الدولي.
غير أن دولاً أخرى مثل دول عدم الانحياز، وفي مقدمها كوبا، عارضت فرض هذه العقوبات.
إلا أن دبلوماسياً حضر الاجتماع، شدد على أن الغالبية العظمى من أعضاء المجلس تدعم البرادعي في دعوته ايران إلى التعاون بشكل أكبر والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي بما يشمل تعليق تخصيب اليورانيوم.
ومن هذه الدول: روسيا والصين، اللتين سبق أن رفضتا الانضمام إلى الحملة الهادفة لفرض عقوبات إضافية، حسبما أفاد الدبلوماسي الذي رفض الكشف عن اسمه.
وأوضح البرادعي، في مستهل الاجتماع، أن الوكالة «لم تتمكن حتى الآن من التحقق من بعض الجوانب الهامة لبرنامج إيران النووي، وبالتحديد تلك المتعلقة بمدى وطبيعة نشاطات أجهزة الطرد المركزي، إضافة إلى الجوانب المتعلقة بالدراسات وغيرها من النشاطات التي يمكن أن يكون لها تطبيقات عسكرية».
وقال مندوب إيران لدى وكالة الطاقة، علي أصغر سلطانية، للصحافيين، «لا يوجد مبرر سياسي أو قانوني أو فني لطلب تعليق» تخصيب اليورانيوم. وحذَّر من أن فرض عقوبات إضافية على طهران «سيترك أثراً سلبياً على تعاوننا والتعاون الكامل مع الوكالة».
وشدد سلطانية على أنه يجري توضيح المسائل العالقة، الواحدة تلو الأخرى. وقال «نحن نخطط الآن مع الوكالة للرد على الخطوة المقبلة»، رافضاً توقّع المدة التي ستستغرقها هذه العملية.
لكن المندوب الأميركي لدى وكالة الطاقة، غريغوري شولت، اتهم إيران بتعمد محاولة تجنب فرض مزيد من العقوبات عليها بعرضها القليل من التعاون. وقال إنه لا يوجد أمل في مزيد من الشفافية في المستقبل.
أما مندوب فرنسا، فرانسوا هافير دينياو، فقال «نحن نشعر بخيبة الأمل لأن تعاون إيران جزئي.. الانتظار ليس خياراً. في هذه الظروف نعتقد أنه من الضروري تحديد موعد نهائي لهذه العملية يكون خلال أسابيع».
ويعتمد أي قرار من مجلس الأمن الدولي بفرض مجموعة ثالثة من العقوبات على طهران على تقرير وكالة الطاقة وتقييم المحادثات الثنائية بين كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، المتوقعة في 30 تشرين الجاري في لندن، حسبما أعلن جليلي وسولانا.
وقال جليلي «سأعرض فكرة جديدة في المحادثات المقبلة مع سولانا، وآمل أن تساعد هذه الفكرة على تسوية المسألة (النووية)».
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «ارنا» عن جليلي قوله، في ندوة «البرنامج النووي الإيراني وتقرير البرادعي» في طهران، «باعتقادنا أنه نظراً للعلاقات الدولية والتطورات العالمية، وفي ضوء دور إيران وقدرتها، سواء في مجال الأمن أو غيره، فإن التلاعب بأمن إيران هو بمثابة الدومينو» في إشارة إلى ما سيتركه من آثار متلاحقة.
إلى ذلك، ذكر مصدر نفطي خليجي أن التوسع في استئجار الناقلات يشير إلى أنه سيكون هناك نشاط بحري كبير من المحتمل أن يتضمن بياناً يوضح لإيران أن البحرية الأميركية ستحمي طريق نقل النفط عبر مضيق هرمز أثناء التوترات بسبب برنامج طهران النووي.
(ا ف ب، مهر، يو بي آي، ا ب، د ب ا)